ليبيا تعتمد لائحة التصميم الشامل: خطوة مفصلية نحو بيئة أكثر عدلاً وإنصافًا


 أصدر مجلس الوزراء بحكومة الوحدة الوطنية القرار رقم (538) لسنة 2025م، باعتماد اللائحة الليبية للتصميم الشامل، وهي وثيقة تهدف إلى ضمان وصول جميع الفئات إلى المرافق والخدمات العامة والخاصة دون تمييز، مع تركيز خاص على الأشخاص ذوي الإعاقة وكبار السن والفئات الاجتماعية الأخرى.

هذه الخطوة تُعد الأولى من نوعها في ليبيا، حيث تعكس تحولاً في التفكير من مجرد توفير خدمات متفرقة إلى تبني رؤية شاملة للتصميم العمراني والبيئي تقوم على مبدأ المساواة والاندماج. فالتصميم الشامل يعني أن تكون المدرسة، والمستشفى، والمبنى الحكومي، وحتى وسائل النقل مصممة بحيث تخدم الجميع دون الحاجة إلى تعديلات لاحقة أو حلول مؤقتة.

لكن نجاح هذه اللائحة يتطلب أكثر من إصدارها كوثيقة قانونية؛ إذ يحتاج الأمر إلى:

  • آليات تنفيذ واضحة تحدد مسؤوليات الوزارات والبلديات والجهات الخاصة.
  • مؤشرات قياس أداء لتقييم مدى الالتزام بالتنفيذ.
  • متابعة ورقابة مستمرة لضمان تحويل النصوص إلى واقع ملموس.
  • إشراك الأشخاص ذوي الإعاقة ومنظماتهم في كل مراحل التنفيذ، باعتبارهم أصحاب المصلحة والخبرة المباشرة.
  • نشر اللائحة على نطاق واسع وتمكين المواطنين من الاطلاع عليها، باعتبار الشفافية شرطًا أساسيًا لنجاحها وضمان مساءلة الجهات المعنية.

التجارب الدولية والعربية تؤكد أن إشراك المستفيدين أنفسهم هو الضامن الأساسي لاستدامة مثل هذه المبادرات. وهنا يمكن الإشارة إلى تجربة الكويت التي سبقت باعتماد "كود الكويت للتصميم العام" عام 2017، والذي يُعد مرجعًا إقليميًا في جعل البيئة المبنية أكثر ملاءمة لذوي الإعاقة وكبار السن.


إن ليبيا اليوم أمام فرصة تاريخية لتأسيس بنية تحتية ومجتمع أكثر شمولية، يتماشى مع المعايير الدولية مثل اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة الصادرة عن الأمم المتحدة. وإذا ما اقترنت هذه الخطوة بجدية في التنفيذ والتزام مؤسسي ونشر علني شفاف للائحة، فقد تتحول إلى نموذج يحتذى به في المنطقة العربية.

أحدث أقدم

 

نموذج الاتصال