نبضPulse على الشاشة... عندما يصبح الكرسي المتحرك أداة إنقاذ


في زمنٍ تفتقر فيه شاشاتنا العربية إلى تمثيل حقيقي وقوي للأشخاص ذوي الإعاقة، تأتي الدراما الأميركية "Pulse" لتضخّ الأمل والإلهام في قلوب الملايين. في هذا العمل الجريء الذي يعرض على شبكة Netflix، تظهر الدكتورة هاربر سيمز، الطبيبة المقيمة في قسم الطوارئ، وهي تدفع كرسيها المتحرك بثقة بين الأسرة المزدحمة، تصرخ: "اتصلوا بجراحة الأعصاب! سأذهب لأجهز مجرى التنفس!" — مشهد لا يُنسى.


تؤدي الدور الممثلة جيسي ييتس، وهي نفسها تستخدم كرسياً متحركاً في حياتها اليومية، لتصبح بذلك من القلائل الذين يمثلون الإعاقة الحقيقية بواقعية نادرة في الشاشة العالمية. ليست هذه مجرد شخصية على ورق، بل قصة حقيقية تنبض بالحياة، وتُجسّد قوة المثابرة والتحدي.

تقول ييتس: "كأشخاص ذوي إعاقة، اعتدنا على رؤية قصص لا تشبه واقعنا... لكن هذه المرة، فهم المخرجون والكتاب ما نعيشه حقًا." وقد ساعدها في تجسيد الدور طبيب حقيقي من مايو كلينيك، الدكتور دانيال غروسمان، الذي يستخدم الكرسي المتحرك أيضاً ويعمل في قسم الطوارئ. تعلمت منه تقنيات معقدة كإدخال أنبوب التنفس، وكيفية استخدام اللمسة الإنسانية في لحظة إنقاذ حياة.

وفي مشهد إنساني مؤثر، تجد هاربر نفسها عالقة؛ تذكّرها منبّه الهاتف بضرورة دخول الحمّام، لكنها لا تجد المقصورة المخصصة متاحة، ثم تكتشف أنها نسيت أدوات القسطرة — موقفٌ يعرفه كثيرون من ذوي الإعاقة، لكنه نادرًا ما يُروى على الشاشة.

المسلسل لم يغفل أيضًا عن تصوير التحديات الاجتماعية — ففي إحدى الحلقات، يشكك أهل طفل مصاب في قدرات هاربر الطبية، ويسألون عن "الطبيب الحقيقي"، في لحظة مؤلمة من التمييز، لكنها حقيقية.

لم يكن الهدف من وجود شخصية على كرسي متحرك مجرد "زينة تمثيلية"، كما توضح ييتس. بل أراد صنّاع العمل أن يظهروا حقيقة معاناة الأطباء ذوي الإعاقة، وأيضًا تميزهم — إذ يتحوّل الكرسي من عائق إلى نقطة قوة. تقول ييتس: "حين تجلس بمستوى المريض، يتحوّل الحوار من موقف سلطوي إلى لحظة إنسانية... والمرضى يفتحون قلوبهم لك."

أجواء المسلسل:

تخيل مستشفى مغلق أثناء حالة طوارئ قصوى، فريق طبي شاب في مواجهة مواقف لا تحتمل التأخير، وكل قرار قد يعني حياة أو موت. Pulse لا يكتفي بعرض العمليات، بل يدخل في تفاصيل العلاقات المهنية، الضغوط النفسية، والمنافسات التي تتصاعد تحت الضغط.

طاقم العمل وتألق الأداء:

جيسي تي. آشر (Danny Sims): طبيبه مقيمه في السنة الثالثة تجد نفسها في موقع القيادة فجأة، ويجب أن تثبت نفسها تحت أنظار الجميع.

جيسيكا روث: تقدم أداءً حساسًا كطبيبة موهوبة تسعى للتوازن بين الطموح والتعاطف.

جوستينا ماتشادو: تضيف عمقًا في دور الطبيبة المخضرمة التي تحاول إبقاء الفريق متماسكًا وسط الفوضى.

ممثّلين داعمين متنوعين يعطون أبعادًا متعددة لكل حلقة – من حالات المرضى المؤثرة إلى صراعات الأطباء.

كل حلقة تحمل قصة جديدة، ومعها تطوّر في الشخصيات مسلسل من 10 حلقات 

رسالة إلى الدراما العربية: آن الأوان!

تجربة Pulse لا يجب أن تبقى حكرًا على هوليوود. في عالمنا العربي، حيث الملايين من الأشخاص ذوي الإعاقة ما زالوا مغيبين عن الشاشة، آن الأوان لأن تخرج قصصهم من الظل. ليست الإعاقة ضعفًا، بل نافذة نحو عالم مليء بالإصرار والحكمة والبطولة اليومية.

أين هي البطلة الكفيفة التي تدير مؤسسة ناجحة؟ أين هو الطبيب العربي الذي يستعمل كرسيًا متحركًا ويقود فريقًا طبيًا؟ أين هو المحامي الذي يتكلم ببطء، لكن يدافع بشراسة عن المظلومين؟ حان وقت التغيير.

Pulse ليس مجرد مسلسل. إنه نبض جديد في قلب الدراما، دعوة إلى أن تكون الشاشات أكثر شمولًا، أكثر صدقًا... وأكثر إنسانية.

أحدث أقدم

 

نموذج الاتصال