كيف يمكن بناء فضاء رقمي شامل في ظل غياب "الـ 18" وتغييب ذوي الإعاقة؟
بينما يتسارع التحول الرقمي عالميًا، يعيش المشهد الليبي ارتباكًا يتجسد في مبادرات تفتقر للوضوح، كـ "الميثاق الليبي لأخلاقيات الفضاء الرقمي" الذي وقعه 18 شخصًا في إسطنبول. ورغم أن المبادرة ضرورية لمواجهة خطاب الكراهية، إلا أن طريقة إطلاقها تطرح تساؤلات تفوق ما حاولت حله.
من هم الـ18؟ سؤال بلا إجابة
يلف الغموض التام قائمة الموقعين؛ فلا أسماء أُعلنت، ولا معايير اختيار "المؤثرين" وُضّحت. في بيئة تفتقر للثقة، يُعد هذا الغياب خللًا بنيويًا يقوض هدف الميثاق الأخلاقي نفسه، ويثير تساؤلات مشروعة حول التمثيل ومن يضع القواعد.
مفارقة: جهة رقابية في حدث غابت عنه الشفافية
المفارقة أن من بين المشاركين ممثلين عن الهيئة العامة لرصد المحتوى الإعلامي، وهي جهة يُفترض أن تكون الأوعى بمعايير الشفافية. مشاركة هيئة رقابية في فعالية تفتقر لأبسط هذه المعايير يمس جوهر المصداقية ويثير تساؤلات حول التزام المشاركين بالمهنية.
والأغرب من ذلك، هو نشر هذا الخبر على الصفحة الرسمية للهيئة و موقعها الرسمي ، مما يؤكد هذا التناقض الصارخ بين دورها الرقابي وممارساتها الفعلية.
إقصاء فئات رئيسية
الإشكالية الأكبر هي غياب تمثيل فئات رئيسية، وعلى رأسها الأشخاص ذوو الإعاقة، وهم من أكثر الفئات تعرضًا للتنمر، والإقصاء، وغياب الوصول الرقمي. كيف يمكن لميثاق "أخلاقي" أن يتجاهل أكثر من 100 ألف ليبي من ذوي الإعاقة يعانون هذه الانتهاكات يوميًا؟
خطوة مهمة… بطريقة خاطئة
تحتاج ليبيا لإطار أخلاقي رقمي، لكن لا يمكن صياغته في غرف مغلقة وبقوائم سرية لا تمثل الواقع. المشكلة ليست في الميثاق، بل في آلية إنتاجه التي تفقده شرعيته الأخلاقية بسبب غياب الشفافية والإقصاء.
إصلاح المسار ممكن
إصلاح هذا الخلل يتطلب:
- نشر أسماء المشاركين ومعايير اختيارهم.
- ضمان تمثيل حقيقي لذوي الإعاقة.
- فتح مشاورات عامة تشمل المجتمع المدني.
- ربط الميثاق بمبادئ الوصول الرقمي، وليس فقط مكافحة الكراهية.
لا يُبنى فضاء رقمي أخلاقي بآليات غامضة تُقصي الفئات الأكثر هشاشة. الميثاق خطوة ضرورية، لكن الطريقة خاطئة. يبدأ الإصلاح بالاعتراف بالمشكلة، وتوسيع المشاركة، وضمان الشفافية والشمولية.
