في روما، حيث يمتطي ذوو الإعاقة خيول "La Emozione non ha voce" ليكتشفوا معنى الحياة خارج القيود والألم، وقفت الوزيرة الليبية وفاء الكيلاني إلى جانب الوزيرة الإيطالية أليساندرا لوكاتيلي في مشهد إنساني نبيل. المبادرة الإيطالية تفتح أبواب الشفاء والاندماج، وتسجل انتصارًا أخلاقيًا للسياسة عندما تصبح سندًا للضعفاء، وترسم خارطة طريق نحو عالم يتسع للجميع. المشاركة الليبية والدبلوماسية تجسدت أيضاً بحضور السيدة ليلي السني، الوزير المفوض بالسفارة، في رسالة واضحة أن التعاون ليس حلمًا بل خيارًا ممكنًا.
لكن خارج أسوار المؤسسات الإيطالية، وفي ميدان الشمس الحارقة بطرابلس، يصطف العشرات من ذوي الإعاقة في ليبيا في وقفة احتجاجية خامسة أمام رئاسة الوزراء. وجوه أنهكها الإهمال، وأجسادهم تحمل عاهات مضاعفة: عجز جسدي وعجز حكومي مروّع. لم توفّر الحكومة ظلّاً ولا حلاً، بل اكتفت بالصمت، بينما رئيسها، عبد الحميد الدبيبة، منهمكٌ في صراعات المليارات، يتقاسم النفوذ مع الميليشيات، ويترك أطفال ليبيا المصابين بأمراض خطيرة يواجهون الموت وحدهم، دون علاج أو تأهيل.
التصريحات الرسمية التي تصف أوضاع ذوي الإعاقة بأنها "مريحة" لا تعكس الواقع، بل تكشف عن مدى انفصال الحكومة عن معاناة الناس. الجمعيات الحقوقية وتجمعات أهالي المتضررين يصفون الوضع بأنه جريمة صامتة، تفضح تقصيرًا منهجيًا في صرف المساعدات، وإهمالًا في دعم الخدمات الأساسية كالكراسي المتحركة والأدوية. ويؤكد شباب ليبيا أن الدولة تخلت عن تعهداتها أمام المجتمع الدولي لحماية حقوق الاشخاص ذوي الاعاقة ، رغم توقيعها اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة عام 2018 دون تطبيق فعلي على الأرض.
الاحتجاجات لم تكن سوى صرخة في ليل دولة تبتلع مليارات النفط، بينما تترك قرابة نصف مليون مواطن من ذوي الإعاقة يواجهون مصيرًا غامضًا. الفرق صارخ بين طموح المؤسسات الإيطالية التي تعيد الأمل لأبنائها، وواقع ليبيا حيث تُذبح الكرامة يوميًا في زحمة الإهمال والاستبداد. فهل تُعيد هذه الزيارة النادرة رسم الخريطة الإنسانية في ليبيا، أم تبقى صورة عابرة وسط صخب السياسة المصابة بالعجز الأخلاقي؟