نشرت وزارة الشؤون الاجتماعية الليبية خبراً عن اجتماع الوزيرة وفاء الكيلاني مع وزيرة شؤون الإعاقة الإيطالية، أليساندرا لوكاتيلي، في روما. ورغم أن الاجتماع عُقد تحت شعار "تعزيز التعاون وتبادل الخبرات"، إلا أن تفاصيل الخبر تكشف عن غياب أي استراتيجية وطنية واضحة وملموسة لدعم الأشخاص ذوي الإعاقة في ليبيا، مما يسلط الضوء على ضعف أداء الوزارة.
خطاب بروتوكولي يفتقر للأثر الملموس
ركز الخبر الصادر عن الوزارة على مصطلحات عامة وفضفاضة مثل "تطوير الخدمات" و"ضمان الحقوق"، دون تقديم أي تفاصيل عملية. لم يتم ذكر أرقام محددة، أو ميزانيات مرصودة، أو مؤشرات أداء واضحة. كما غابت أي خطة زمنية أو مشاريع محددة، مما يجعل الاجتماع مجرد حدث بروتوكولي للاستهلاك الإعلامي، لا يغير من الواقع شيئاً.
مقارنة صارخة: نموذج الوزيرة الإيطالية
على النقيض تماماً، تقدم الوزيرة الإيطالية أليساندرا لوكاتيلي نموذجاً للكفاءة المبنية على خبرة عملية طويلة. فسيرتها الذاتية حافلة بالعمل الميداني والتخصصي:
- خلفية أكاديمية وعملية: تخرجت في علم الاجتماع وتخصصت في رعاية الأشخاص ذوي الإعاقات العقلية، وعملت لسنوات في هذا المجال، بما في ذلك التطوع في إفريقيا.
- خبرة سياسية متدرجة: شغلت مناصب متعددة، كنائب عمدة ومستشارة لشؤون ذوي الإعاقة، وصولاً إلى منصبها الوزاري الحالي.
هذه الخبرة العميقة تُرجمت إلى إجراءات عملية وشفافة. فقد أعلنت لوكاتيلي عن تخصيص 260 مليون يورو لدعم الطلاب ذوي الإعاقة، و70 مليون يورو إضافية لدعم النقل المدرسي. ولم تكتفِ بذلك، بل حددت بوضوح المستفيدين وآليات التنفيذ، مبررة الزيادة المالية بالاستجابة للاحتياجات الفعلية للعائلات والبلديات.
صدى الاجتماع على وسائل التواصل الاجتماعي: الشفافية مقابل الغموض
امتد هذا التباين في الأداء إلى طريقة تغطية اللقاء على الصفحات الرسمية للوزيرتين. ففي حين نشرت صفحة وزيرة الشؤون الاجتماعية الليبية منشوراً مطولاً يفتقر إلى أي معلومات جوهرية، كان منشور الوزيرة الإيطالية موجزاً ومهنياً، حيث قالت فيه:
"بعد ظهر أمس في روما، التقيت بوزيرة الشؤون الاجتماعية الليبية، وفاء الكيلاني. وهو اجتماع يواصل الحوار الذي بدأ في الأشهر الأخيرة في تونس، بهدف تعزيز التعاون في قضايا الإعاقة والسياسات الاجتماعية. إن تبادل الخبرات والممارسات الجيدة أمر أساسي لبناء مسارات ملموسة معًا لصالح الأفراد والمجتمعات."
هذا التعليق، على الرغم من دبلوماسيته، يركز على أهداف واضحة مثل "تعزيز التعاون" و"تبادل الخبرات"، مما يعكس نهجاً عملياً. وفي المقابل، فإن غياب مثل هذا التركيز في الخطاب الليبي الرسمي يؤكد على الهوة بين الصورة التي تحاول الوزارة تسويقها دولياً، والحاجة الماسة إلى استراتيجية شفافة ونتائج ملموسة على الأرض.
غياب الكفاءة والشفافية في الجانب الليبي
في المقابل، لم تقدم الوزيرة الليبية وفاء الكيلاني أي رؤية مماثلة. فلا توجد سيرة ذاتية منشورة توضح خبرتها في هذا المجال، ولا برامج ملموسة مدعومة بأرقام دقيقة. هذا الغياب يعكس إحدى المشاكل الجوهرية في ليبيا، حيث تتم بعض التعيينات بناءً على اعتبارات سياسية بدلاً من الكفاءة المهنية، مما يضعف قدرة المسؤولين على تمثيل قضايا المواطنين بفاعلية على الساحة الدولية.
من البروتوكول إلى التنفيذ: خطوات ضرورية
لكي تتجاوز ليبيا مرحلة الاجتماعات الشكلية وتحقق تقدماً حقيقياً، يجب اتخاذ خطوات جادة، أهمها:
- وضع خطة وطنية معلنة: استراتيجية واضحة الأهداف لدعم الأشخاص ذوي الإعاقة.
- تخصيص ميزانيات محددة: إعلان الأرقام المخصصة للبرامج والخدمات بشفافية.
- تحديد المستفيدين والدعم: توضيح أعداد المستهدفين ونوع الدعم المقدم لكل فئة.
- إشراك أصحاب المصلحة: إشراك منظمات الأشخاص ذوي الإعاقة في كافة مراحل التخطيط والتنفيذ.
- إنشاء آليات للمتابعة والتقييم: وضع مؤشرات أداء قابلة للقياس لتقييم مدى نجاح البرامج.
باختصار، يكشف اجتماع روما عن صورتين متناقضتين: خطاب بروتوكولي أمام الإعلام من الجانب الليبي، يقابله ضعف في التمثيل وغياب استراتيجية وطنية حقيقية على الأرض.