المنتخب الليبي لرفعات القوة يشارك في بطولة العالم بمصر… ولكن أين الشفافية والتطوير الفني؟

 



انفوغرفيك من هنا

أعلنت اللجنة الفنية العليا لرفعات القوة عن القائمة الرسمية للمنتخب الليبي الذي سيشارك في بطولة العالم المقرر إقامتها في جمهورية مصر العربية خلال شهر أكتوبر المقبل. وتتضمن القائمة 13 رياضيًا ورياضية من مختلف المدن الليبية، موزعين على فئات عمرية متنوعة، من "ناشئين" و"شباب" إلى "روكي" و"عظماء"، وتغطي فئات الوزن بين 49 و97 كجم.

ومن المقرر أن يدخل المنتخب في معسكر إعداد تدريبي بمدينة بنغازي خلال شهر أغسطس، استعدادًا لهذا الاستحقاق الدولي، وسط تمنيات بتقديم أداء مشرّف يليق باسم ليبيا.

ويبدو أن هذه القائمة جاءت بعد بطولات محلية لاختيار العناصر، من أبرزها بطولة المنطقة الغربية التي أُقيمت في طرابلس بمشاركة 23 رياضيًا من الجنسين، بهدف غربلة أفضل العناصر تمهيدًا للاستحقاقات الخارجية. وقد شكّلت هذه البطولة مساحة للتنافس المحلي، وانتهت بتتويج الفائزين وتكريم المساهمين في إنجاح الحدث. للأسف، تمنيت من الجهة المشرفة على بطولة النوادي الالتزام بقيافة لباس رياضي موحد لكل نادٍ.

ورغم أهمية هذه التحضيرات، فإن الإعلان عن تشكيلة المنتخب الوطني لم يتضمن أي أرقام تأهيلية أو نتائج رسمية توضّح آليات الاختيار، ما يطرح علامات استفهام حقيقية حول الشفافية الفنية والإدارية. فحتى اللحظة، لا توجد معايير منشورة تُظهر لماذا تم اختيار هؤلاء الرياضيين بالذات.

فجوة رقمية كبيرة مع المستوى العالمي

تشير القائمة الصادرة إلى مشاركة لاعبين من فئات أوزان متوسطة وثقيلة، لكن مقارنة الأرقام المتوقعة من المشاركين الليبيين مع الأرقام القياسية العالمية في رياضة رفعات القوة البارالمبية يكشف فجوة كبيرة في المستوى الفني. فعلى سبيل المثال حسب paralympic.org/athletics:

الرقم القياسي العالمي لفئة 88 كجم (رجال) يبلغ 240 كجم.


فئة 97 كجم (رجال) الرقم العالمي فيها 251 كجم.


فئة 49 كجم (رجال) الرقم القياسي هو 212 كجم.


أما على مستوى السيدات، فإن الأرقام العالمية تتراوح بين 120 و160 كجم بحسب الفئة، وهي أرقام لم تسجلها الرياضيات الليبيات حتى الآن في البطولات الرسمية، حسب المعطيات المتوفرة.

هذه الفجوة الفنية تثير تساؤلات حول الجاهزية الحقيقية للمشاركة في بطولات عالمية بهذا الحجم، ومدى واقعية الطموحات المعلنة دون خطة تطوير تدريجية ترتكز على رفع المستوى البدني والفني، وتحسين الأداء من خلال برامج تأهيل ممنهجة.

غياب التجديد واحتكار التمثيل

من اللافت أن العديد من الأسماء المعلنة ضمن قائمة المنتخب الوطني تتكرر منذ سنوات، دون تغييرات واضحة في بنية الفريق. ورغم أن الاستمرارية مطلوبة أحيانًا في الرياضة، إلا أن غياب الوجوه الجديدة يكشف عن خلل في آليات الكشف عن المواهب، ويدعو إلى مراجعة آليات التمثيل وتوسيع قاعدة اللعبة في المدن الليبية كافة، لضمان عدالة التوزيع الجغرافي وفتح المجال أمام دماء جديدة.

إرث رياضي لم يُستثمر بعد

من المهم أن نتذكر أن ليبيا تمتلك إرثًا حقيقيًا في هذه الرياضة. ففي دورة الألعاب البارالمبية بسيدني عام 2000، أحرز الرباع عبد الرحيم خليفة الزوي الميدالية البرونزية في رفعات القوة، وهي الميدالية الوحيدة في تاريخ ليبيا على المستوى الأولمبي والبارالمبي معًا. لكن، منذ ذلك الحين، لم تنجح ليبيا في الاقتراب من هذا الإنجاز أو صناعة بطل بارالمبي جديد.

ما الذي نحتاجه فعلاً؟

إن رياضة رفعات القوة في ليبيا لا تحتاج فقط إلى مشاركة رمزية أو حضور شرفي في المحافل الدولية، بل تحتاج إلى:

  • برامج تدريبية حقيقية تراعي المعايير الدولية.
  • بطولات محلية مؤهِّلة تستند إلى نتائج وأرقام شفافة.
  • فرص متكافئة لاكتشاف المواهب من مختلف المناطق.
  • دعم علمي وطبي وتغذوي مخصص لرياضيي هذه الفئة.
  • إدارة رياضية محترفة تؤمن بالتخطيط الطويل المدى، لا الحلول المؤقتة.

نُثمن كل جهد يُبذل من أجل تمثيل ليبيا دوليًا، لكن لا بد أن تترافق هذه المشاركات مع خطط تطوير فنية حقيقية، وإدارة شفافة، ومؤشرات أداء واضحة، لأن الاستمرار بهذا النمط سيُبقينا بعيدين عن المنصات العالمية التي نطمح لها جميعًا.




أحدث أقدم

 

نموذج الاتصال