لم أكن صغيرًا في السن حين رأيت السلاح لأول مرة في حياتي، لكن الصدمة لم تكن أقل وقعًا.
كان ذلك في أبريل 2011، داخل أحد المقار الرياضية، لن أذكر اسمه احترامًا للمكان رغم ما رأيته فيه. لم يكن مشهدًا من فيلم، بل بندقية قنّاص حقيقية، أمامي، داخل منشأة يُفترض أن تكون رمزًا للسلام والاحترام والتنافس الشريف.
لم تكن تلك المرة الأخيرة. فمع مرور السنوات، تكررت المشاهد وتبدلت الأسلحة، لكن القاسم المشترك بقي واحدًا: السلاح وجد طريقه إلى الرياضة الليبية. والكارثة ليست فقط في دخوله، بل في تطبيعه، تبريره، بل و"الصمت" عنه.
آخر ما هزّني، كان قبل أيام فقط. رئيس نادٍ رياضي، لا مشجع متهور، بل من يفترض أنه قدوة، أطلق النار – نعم، أطلق النار – بعد نقاش مع أحد المشجعين، لا شجار ولا اعتداء، فقط نقاش. ثم ذهب إلى منزله، بل زار الضحية في بيته وكأنها "قعدة صلح"، لا محاولة قتل أو تهديد بالسلاح.
أين نحن من القيم الأولمبية؟
أين شعار "الاحترام" الذي ترفعه الرياضة؟
أين اللجنة الأولمبية الليبية؟ وأين القانون؟
لا أبالغ إن قلت إن المنشآت الرياضية تحوّلت أحيانًا إلى مناطق خارجة عن القانون، لا يُحاسب فيها من يُخطئ، ولا يُردع فيها من يُهين حرمة الرياضة. نرفع شعارات فارغة، ونُقيم بطولات، بينما الرصاصة تُطلق داخل الأندية وكأنها صافرة انطلاق!
أنا شاهد. رأيت السلاح في مكان لا يجب أن يوجد فيه.
وأقولها بوضوح:
لا يمكن أن تُبنى رياضة على الخوف. ولا يمكن أن تُحترم مؤسسة تُنتهك داخلها القيم بالسلاح.
ما زال كفاح الفوضى مستمر.
لكن إلى متى سنقاوم وحدنا؟
وأين أنتم يا من تملكون القرار… متى ستنتصرون للرياضة، لا للفوضى؟
إن تغلغل السلاح لا يدمر الرياضة المحلية فحسب، بل يضر بسمعة ليبيا الرياضية عالميًا. فالمجتمع الرياضي الدولي، ممثلاً باللجنة الأولمبية الدولية (IOC) والفيفا (FIFA)، يعتمد على مبادئ أساسية كالعدالة والأمان واستقلالية الرياضة عن التدخلات الخارجية.