في عام 2024، نفذت اللجنة البارالمبية الدولية (IPC) برامج تنموية في 133 دولة حول العالم، استفاد منها نحو 37,000 شخص، في واحدة من أكبر مبادراتها لنشر وتطوير الرياضات البارالمبية عالميًا. ورغم هذا الحراك الدولي الواسع والتأثير الإيجابي لهذه البرامج، تغيب ليبيا عن هذه الجهود، مما يثير تساؤلات حقيقية حول أسباب هذا الغياب وتداعياته على رياضة الأشخاص ذوي الإعاقة في البلاد.
أثر عالمي واسع... وغياب محلي
برامج التنمية التي أطلقتها اللجنة البارالمبية الدولية ركزت على ثلاثة محاور رئيسية: الرياضيون، القادة، والمشاركة. فتم دعم أكثر من 7,400 رياضي بارالمبي عبر توفير فرص اكتشاف المواهب والمنافسات والتدريب والتصنيف، كما تم تدريب 5,400 شخص ليصبحوا قادة في مجال الرياضات البارالمبية، سواء كمدربين أو إداريين أو حكام. بالإضافة إلى ذلك، تم إشراك أكثر من 20,000 شخص ذوي إعاقة في أنشطة رياضية، كثير منهم للمرة الأولى
وفي حديثها عن هذه الجهود، صرّحت كريستينا مولوي، مسؤولة العضوية والتأثير في اللجنة البارالمبية الدولية:
"نؤمن بشدة بأن الرياضة وسيلة لتحقيق عالم أكثر شمولًا، وقد استفاد من برامجنا التنموية خلال عام 2024 ما يقارب 37,000 شخص في 133 دولة. لكننا نطمح للمزيد، وخاصة مع انطلاق برنامج 'الرياضة من أجل التنقل' في 2025، الذي سيضاعف من دعمنا لأكثر من 200 لجنة وطنية."
الدول التي استفادت... أمثلة ملهمة
من بين الدول التي استفادت بشكل مباشر من دعم اللجنة البارالمبية الدولية، هناك إريتريا وكيريباتي وكوسوفو، التي شاركت لأول مرة في الألعاب البارالمبية باريس 2024 بفضل هذا الدعم. كما حصدت كل من موريشيوس ونيبال ميداليات للمرة الأولى في تاريخها، نتيجة استفادتها من برامج العضوية والدعم الفني. إلى جانب ذلك، تلقى رياضيون من 91 لجنة وطنية دعماً مباشراً، من بينهم 155 رياضيًا شاركوا في باريس، حصل 13 منهم على ميداليات.
تُظهر هذه الأمثلة كيف يمكن لبرامج التنمية أن تُحدث فرقًا حقيقيًا، حتى في الدول الصغيرة أو ذات الإمكانيات المحدودة.
لماذا تغيب ليبيا؟
غياب ليبيا عن هذه البرامج قد يُعزى إلى عدة أسباب، من بينها:
- ضعف البنية التحتية لرياضة الأشخاص ذوي الإعاقة.
- قلة التمويل والدعم الحكومي للمجالس والاتحادات البارالمبية.
- عدم وجود تواصل فعّال ومستمر مع اللجنة البارالمبية الدولية.
- غياب استراتيجيات وطنية طويلة الأمد لتطوير رياضة الأشخاص ذوي الإعاقة.
ما الذي يجب فعله؟
إن غياب ليبيا عن هذه المبادرات لا يجب أن يُؤخذ كأمر واقع. هناك فرصة حقيقية لإعادة بناء القطاع الرياضي البارالمبي في ليبيا عبر:
- إعادة تفعيل اللجنة البارالمبية الليبية وتحديث بنيتها التنظيمية.
- فتح قنوات تواصل وتعاون مع اللجنة البارالمبية الدولية.
- تشجيع المجتمع المدني والمؤسسات المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة على الضغط من أجل إدماج ليبيا في برامج التنمية.
- استثمار النجاحات الفردية والقصص الملهمة لأبطال ليبيين كحافز للتغيير.
الرياضة ليست مجرد وسيلة للترفيه، بل هي أداة تغيير اجتماعي وتمكين. وفي الوقت الذي تتوسع فيه اللجنة البارالمبية الدولية وتقدم الدعم لمئات الدول، يبقى على ليبيا أن تستفيق من غفوتها وتعيد الاعتبار لرياضة الأشخاص ذوي الإعاقة كجزء لا يتجزأ من التنمية الشاملة والعدالة الاجتماعية.