الحكومة الليبية وإقصاء نشطاء الأشخاص ذوي الإعاقة من القمم الدولية: غياب الدعم وعجز عن التمثيل الحقيقي



English

في خطوة متوقعة، شاركت وزيرة الشؤون الاجتماعية السيدة وفاء أبوبكر الكيلاني في القمة العالمية للإعاقة 2025، التي تُعقد يومي 2 و3 أبريل في برلين، بشراكة بين ألمانيا والأردن، لمناقشة التعليم الدامج، التمكين الاقتصادي، والتكنولوجيا المساعدة. يجتمع ممثلو الحكومات والمنظمات الدولية والقطاع الخاص لتعزيز الإدماج وحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة. لكن هذه المشاركة تعكس إشكالية أعمق من مجرد التواجد الرسمي. فبينما تحرص دول مثل مصر والمغرب ودول أخرى على دعم ناشطيها من الأشخاص ذوي الإعاقة لحضور هذه الفعاليات وتمثيل قضاياهم بأنفسهم، تواصل الحكومة الليبية سياسة الإقصاء والتجاهل، متجاهلة أن هؤلاء الناشطين هم الأدرى بحقوقهم والأقدر على التعبير عن واقعهم. وأنا كناشط ومدون في حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة منذ سنوات، أكتب عن هذا المجال لأنني من ذوي الإعاقة وأدرك التحديات الحقيقية التي نواجهها يوميًا، ولا يمكن لمثل هذه المشاركات الشكلية أن تعكس الواقع المرير الذي نعيشه.

ماذا ستقول الوزيرة في القمة؟

هل ستدعي أن ليبيا وفّرت بيئة مناسبة للأشخاص ذوي الإعاقة؟ هل ستزعم أن المرافق العامة مهيأة لاستقبالهم؟ أم أنها ستكرر الروايات الرسمية التي لا تمتّ للواقع بصلة، في حين أن الشريحة التي تدّعي تمثيلها تعاني من الإهمال، سوء المعاملة، وانعدام الخدمات الأساسية؟

إن واقع الأشخاص ذوي الإعاقة في ليبيا لا يحتاج إلى تجميل أو تزييف، بل إلى مواجهة صريحة وحلول جذرية. فهذه الفئة ما زالت محرومة من التأمين الطبي، الدعم الاجتماعي، والبنية التحتية الملائمة، بل إنها تواجه التمييز يوميًا في أبسط حقوقها، من التنقل إلى التعليم والعمل.

غياب الدعم: تهميش مقصود أم فشل إداري؟

في الوقت الذي كان يفترض فيه أن توفر الحكومة الدعم المالي واللوجستي للناشطين في مجال حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة لحضور هذه القمة، نجد أن الغالبية لم يتمكنوا من السفر بسبب التكلفة العالية وعدم وجود أي دعم رسمي. هؤلاء النشطاء، الذين يفترض أنهم صوت الشريحة المتضررة، تُركوا في الهامش، بينما تُمنح فرصة الظهور الرسمي لمن لا يمتلك الكفاءة أو الخبرة لنقل معاناتهم.

الوزيرة، التي جلست على كرسي الوزارة وفق اعتبارات المحاصصة السياسية وليس استحقاقًا مهنيًا، لم تُظهر أي التزام حقيقي بتحسين أوضاع الأشخاص ذوي الإعاقة. فبدلًا من العمل على إدماجهم الفعلي في المجتمع، تصرّ على تقديم صورة مشوهة ومضللة عن واقعهم.

تمثيل شكلي وإحباط متزايد

من الواضح أن الوزيرة لم تذهب إلى القمة لإيجاد حلول أو لبناء شراكات دولية فعالة، بل لاستخدام الحدث كفرصة لإضفاء شرعية زائفة على أدائها. مشاركتها منفردة دون أي تمثيل حقيقي للأشخاص ذوي الإعاقة تؤكد أن الأمر لا يعدو كونه حضورًا شكليًا، بينما الواقع يكشف عكس ذلك تمامًا.

ولكن السؤال الأهم: هل ستتحمل الوزيرة مسؤولية الفجوة الهائلة بين واقع الأشخاص ذوي الإعاقة في ليبيا وبين نظرائهم في الدول الأخرى؟ هل ستشعر بالحرج عندما ترى الفرق الشاسع في الخدمات والحقوق؟ أم أنها ستعود إلى ليبيا لتواصل تجاهلها وتكرار الادعاءات التي لا تمتّ للحقيقة بصلة؟

في النهاية، لا يسعنا إلا أن نقول: "حسبنا الله ونعم الوكيل" في كل مسؤول أهمل هذه الفئة، وفي كل من تاجر بمعاناتها بدلًا من إيجاد حلول حقيقية لها.

أحدث أقدم

 

نموذج الاتصال