خلال كلمته في القمة العالمية للإعاقة التي عُقدت في العاصمة الألمانية برلين، شدّد رئيس اللجنة البارالمبية الدولية (IPC)، أندرو بارسونز، على الدور التحويلي الذي تلعبه الرياضات البارالمبية في بناء عالم أكثر شمولية، داعيًا الحكومات والسلطات في جميع أنحاء العالم إلى زيادة الاستثمار في البنية التحتية الميسّرة لتعزيز التطور العالمي للرياضة البارالمبية.
وأكد بارسونز خلال خطابه أن الرياضات البارالمبية ليست مجرد منافسات رياضية، بل تعدّ قوة دافعة نحو مجتمع أكثر اندماجًا، يتيح لـ 1.3 مليار شخص من ذوي الإعاقة في العالم فرصًا أكبر للمشاركة في الأنشطة الرياضية والبدنية. كما التزم رئيس اللجنة البارالمبية الدولية بتقديم الدعم لتطوير الرياضات البارالمبية في 150 دولة بحلول عام 2029، بما يسهم في توسيع نطاق المشاركة الرياضية للأشخاص ذوي الإعاقة.
وقال بارسونز: "في اللجنة البارالمبية الدولية، نتصوّر مستقبلًا يكون فيه لكل شخص من ذوي الإعاقة فرصة للمشاركة في الرياضات البارالمبية، سواء على المستوى الترفيهي أو التنافسي. ولتحقيق ذلك، نحتاج إلى بنية تحتية ميسّرة ومعدات رياضية تتيح للجميع ممارسة الرياضة بسهولة."
وأضاف: "تساهم الرياضات البارالمبية في تعزيز الإدماج الاجتماعي في مختلف القطاعات. فالرياضة تقلل من الوصمة والتمييز المرتبطين بالإعاقة، كما تمكّن الأفراد، وتغير المواقف المجتمعية، وتعزز التنقل، وتسهم في بناء مجتمعات أكثر شمولًا، فضلًا عن تحسين فرص التوظيف والصحة، وتعزيز الاقتصاديات الوطنية."
الألعاب البارالمبية كقوة دافعة للتغيير
وصف بارسونز الألعاب البارالمبية بأنها "أكثر الأحداث الرياضية تأثيرًا في العالم"، مؤكدًا أنها تحفّز تحسينات كبرى في البنية التحتية تفيد المجتمع بأكمله. وقال: "منذ دورة برشلونة 1992، أحدثت كل نسخة من الألعاب البارالمبية تغييرًا تحوليًا. فاستضافة حدث بهذا الحجم تدفع الحكومات ورؤساء البلديات والسلطات المحلية إلى إيلاء اهتمام أكبر لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، مما يطلق مشاريع بنية تحتية ضخمة."
وأشار بارسونز إلى مثال طوكيو، قائلًا: "عندما مُنحت طوكيو حق استضافة الألعاب البارالمبية في عام 2013، كانت 70% من محطات مترو المدينة ميسّرة. وبحلول حفل الافتتاح في عام 2021، ارتفعت هذه النسبة إلى ما يقارب 100%."
كما سلّط الضوء على تجربة باريس 2024، التي وصفها بأنها "أكثر الألعاب البارالمبية روعة وتأثيرًا في التاريخ"، مشيرًا إلى استثمار الحكومة الفرنسية أكثر من 1.5 مليار يورو في مبادرات إدماج الأشخاص ذوي الإعاقة. وقال: "وصفت عمدة باريس استضافة الألعاب بأنها قادت ثورة في مجال إمكانية الوصول في المدينة والبلاد بأسرها."
أما بالنسبة لدورة ميلانو كورتينا 2026 للألعاب البارالمبية الشتوية، فقد أكد بارسونز أنه يجري حاليًا إنفاق ملايين اليوروهات على تحسين إمكانية الوصول في البنية التحتية للنقل في المدن والمناطق المستضيفة، بالإضافة إلى تهيئة مدرج أرينا دي فيرونا التاريخي، الذي يبلغ عمره 2000 عام، لاستضافة حفل الافتتاح.
ضرورة استدامة الاستثمار في البنية التحتية
رغم فخره بالتأثير الإيجابي للألعاب البارالمبية على المدن والدول المستضيفة، شدّد بارسونز على أن الاستثمار في البنية التحتية الميسّرة لا ينبغي أن يكون مرتبطًا فقط بتنظيم هذا الحدث الرياضي العالمي.
وأوضح: "نؤمن بشدة أن الرياضات البارالمبية تمثّل وسيلة لتحقيق عالم أكثر شمولًا، وينبغي أن يكون تحسين البنية التحتية الميسّرة جزءًا أساسيًا من جميع المشاريع، وليس فقط نتيجة لاستضافة الألعاب البارالمبية."
وأشار إلى أن قرار الاتحاد الأوروبي الصادر في عام 2022 أكد على أهمية البنية التحتية الرياضية في تنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وأهداف التنمية المستدامة، معتبرًا أن "ضمان الوصول الخالي من العوائق إلى البنية التحتية الرياضية والمشاركة في الأنشطة البدنية يتيح لأكبر عدد ممكن من الأشخاص التمتع بالفوائد العديدة التي توفرها الرياضة."
وختم كلمته قائلًا: "الرياضات البارالمبية تغيّر العالم حقًا."
القمة العالمية للإعاقة 2025
أُطلقت القمة العالمية للإعاقة لأول مرة في عام 2018 كآلية عالمية لتحسين حياة الأشخاص ذوي الإعاقة، لا سيما في دول الجنوب العالمي. وتهدف القمة إلى جمع الجهات الفاعلة العالمية والإقليمية والوطنية التي تتشارك نفس الأهداف والرؤية لتحقيق تنمية شاملة للإعاقة والعمل الإنساني.
وتُقام النسخة الثالثة من القمة العالمية للإعاقة في برلين خلال يومي 2 و3 أبريل 2025، بتنظيم مشترك من التحالف الدولي للإعاقة، وحكومة ألمانيا، وحكومة الأردن.