
في حلقة "أرزاق تساق 7" بعنوان "الإرادة" على قناة WTV، تم تسليط الضوء على قصة كفاح امرأة وزوجها، وكلاهما من الأشخاص ذوي الإعاقة، حيث تحدّت الصعوبات وحققت النجاح رغم العقبات التي واجهتها في التعليم، العمل، والحياة اليومية. ورغم أن القصة تحمل رسالة إيجابية عن الصمود والإصرار، إلا أنها تسلط الضوء أيضًا على الإهمال الحكومي، خاصة من قبل الهيئة العامة لصندوق التضامن الاجتماعي ووزارة الشؤون الاجتماعية، اللتين يفترض أن تكونا الداعم الأول لهذه الفئات.
غياب الدعم الحكومي للأشخاص ذوي الإعاقة
من أكثر الجوانب المؤلمة في القصة التي تم استعراضها هو غياب البنية التحتية المناسبة لذوي الإعاقة، سواء في المؤسسات التعليمية أو بيئة العمل. صاحبة القصة اضطرت إلى الدراسة في بيئة غير مهيأة، مما أدى إلى تفاقم وضعها الصحي. والسؤال الذي يطرح نفسه: أين دور وزارة الشؤون الاجتماعية؟ أليس من مسؤوليتها الضغط على وزارة التعليم لضمان بيئات تعليمية دامجة لذوي الإعاقة؟ أم أنها تكتفي بالشعارات الفارغة والمساعدات الرمزية التي لا تغير شيئًا من الواقع؟
البطالة القسرية لأصحاب الإعاقة
تحدّثت البطلة عن معاناتها في العثور على وظيفة رغم حصولها على شهادة بكالوريوس، حيث رفضتها المدارس بسبب إعاقتها. وهنا يظهر وجه آخر لإهمال وزارة الشؤون الاجتماعية و مؤاساسات الدولة ، إذ أنها لا تقوم بدورها في توفير فرص عمل حقيقية للأشخاص ذوي الإعاقة، ولا تجبر المؤسسات على الالتزام بتوظيف نسبة معينة من ذوي الإعاقة كما يفترض بالقوانين أن تفرض. بدلاً من ذلك، يضطر الأفراد للبحث عن حلول بديلة مثل العمل الحر أو المشاريع الصغيرة دون أي دعم حكومي ملموس.
المشاريع الصغيرة والعراقيل الحكومية
لجأت البطلة إلى بيع العسل عبر الإنترنت كوسيلة لكسب الرزق، وهو حل رائع في ظل عدم توفر فرص عمل. ولكن هل قدمت وزارة التضامن أي دعم لهذه الفكرة؟ العكس تمامًا، فالبيروقراطية والقيود الحكومية تضع عراقيل أمام أي مشروع ناشئ بدلاً من تسهيل الإجراءات وتوفير الدعم المادي والاستشاري لأصحاب المبادرات الفردية.
المواصلات والبنية التحتية المتدهورة
أحد أكبر التحديات التي واجهتها البطلة هو عدم توفر وسيلة نقل شخصية، مما أدى إلى صعوبة توزيع المنتجات. هذا يسلط الضوء على مشكلة أعمق: غياب وسائل النقل العام المناسبة للأشخاص ذوي الإعاقة. فالمواصلات الحكومية إما غير مجهزة، أو أن أصحاب الإعاقات يواجهون التمييز عند استخدامها. وزارة الشؤون الاجتماعية، بدلاً من تخصيص برامج لدعم التنقل لذوي الإعاقة، تكتفي بالتفرج على معاناتهم اليومية.
دولة غنية وإهمال غير مبرر
رغم أن الدولة تمتلك موارد اقتصادية ضخمة، إلا أن توزيعها غير عادل، مما يترك الفئات الضعيفة، وخاصة الأشخاص ذوي الإعاقة، في مواجهة مصيرهم وحدهم. من المفترض أن يكون هناك توزيع عادل لمقدرات الدولة بحيث يستفيد كل مواطن من حقوقه الأساسية في التعليم، الصحة، والعمل، لكن بدلاً من ذلك، نجد أن الحكومة تتجاهل دورها في تقديم الدعم اللازم لهذه الفئة، تاركة المسؤولية على عاتق المجتمع المدني.
دعم المجتمع في غياب الحكومة
من المفارقات أن المساعدة الحقيقية للبطلة جاءت من "أهل الخير" وليس من الدولة. تم تقديم كمية كبيرة من العسل لدعم مشروعها، كما حصلت على مساعدة لتوفير وسيلة نقل تساعدها في تنقلاتها. هذا يثبت أن المجتمع، رغم إمكانياته المحدودة، أكثر إنسانية وفاعلية من المؤسسات الحكومية التي من المفترض أن تقوم بهذه الأدوار.
أين الحل؟
لكي نكون منصفين، الحلول موجودة ولكنها تتطلب إرادة سياسية حقيقية. على وزارة الشؤون الاجتماعية أن تتحرك في الاتجاهات التالية:
- فرض سياسات توظيف صارمة تلزم المؤسسات بتوظيف نسبة عادلة من أصحاب الهمم.
- توفير دعم مالي واستشاري للمشاريع الصغيرة لضمان استدامتها بدلاً من تركها تواجه مصيرها وحدها.
- تحديث البنية التحتية التعليمية بحيث تكون مؤهلة لاستقبال الطلبة من ذوي الإعاقة دون تحميلهم عبئًا إضافيًا.
- تحسين وسائل النقل العامة بحيث تشمل خدمات مخصصة وميسّرة لأصحاب الهمم.
قصة الإرادة التي تم استعراضها في الحلقة تُلهم الكثيرين، لكنها أيضًا تكشف حجم التقصير الحكومي. لذوي الاعاقة لا يحتاجون إلى شعارات أو حملات دعائية جوفاء، بل إلى سياسات فعلية تضمن لهم حياة كريمة مثل أي مواطن آخر. وإلى أن يتحقق ذلك، سيظل المجتمع وحده هو الداعم الحقيقي، بينما تظل الحكومة غائبة عن القيام بواجبها.