سارة بيفين: قصة فنانة مكافحة تجاوزت الإعاقة في القرن التاسع عشر


 سارة بيفين (1784-1850) هي واحدة من الشخصيات البارزة التي أثبتت أن الإعاقة لا تقف عائقًا أمام الإبداع الفني. ولدت في عائلة متواضعة في شرق كوانتوكشيد بالقرب من بريدج ووتر في سومرست، كانت سارة من بين خمسة أطفال، وكان والديها هما هنري وسارة. تُسجل شهادة تعميدها أنها وُلدت "بدون ذراعين أو أرجل"، ولكن هذا لم يمنعها من أن تصبح فنانة معروفة في مجال رسم الصور المصغرة.



التحديات الأولية والإصرار

رغم إعاقتها، لم تقتصر سارة على تعلم الكتابة والخياطة فحسب، بل استطاعت أيضًا أن تطور مهاراتها في استخدام المقص وصبغ اللوحات. شقت طريقها المهني في عالم الفن، ورسمت صورًا مصغرة للعائلة المالكة البريطانية والنبلاء والأثرياء. حتى أنها رسمت صورًا ذاتية، كانت من بين أولى أعمالها التي تظهر فيها إعاقتها بشكل واضح.



الظهور في المعارض والفرص المهنية

بدأت مسيرتها المهنية كمعجزة، حيث كانت تعرض مهاراتها في المعارض كفضول، وعرضها عُرضت أحيانًا تحت مسميات مثل "العجيبة الثامنة" أو "العجيبة بلا أطراف". لكن من خلال الدعم المستمر من السيد والسيدة ديوكس، الذين كانوا يرعاها ويعرضونها في معارض كبيرة مثل "معرض بارثولوميو" في لندن، بدأت سارة تكتسب شهرة كمبدعة متميزة. في وقت لاحق، التقت بسير جورج دوغلاس، إيرل موريتون، الذي كان قد طلب منها رسم صورة مصغرة له، وكان هذا اللقاء بداية لفرصة تعليمية تمويلها إيرل موريتون من خلال دراسة الفن في الأكاديمية الملكية للفنون.


النجاحات والإنجازات الفنية

سارة بيفين أثبتت مهارتها وقدرتها الفنية من خلال عملها المتميز، وحصلت على ميدالية فضية كبيرة من الجمعية الملكية للفنون في عام 1821 عن رسم صورة مصغرة تاريخية. ومع مرور الوقت، بدأت سارة في افتتاح استوديو خاص بها في شارع "الستراند" في لندن، حيث تابعت أعمالها الفنية وبدأت في تقديم لوحات لها في المعارض الملكية. حصلت على تقدير كبير من المعجبين، بما فيهم الملكة فيكتوريا التي اشترت واحدة من صورها المصغرة لدوق كنت.



الإبداع والتقنيات الفريدة

من المعروف أن سارة كانت تستخدم تقنيات فنية مميزة، حيث كانت تثبت فرشاتها في الجزء العلوي من ذراعها المتبقي، وتستخدم فمها لتحريك الفرشاة عند الحاجة لتنظيفها. بينما كانت تتعامل مع اللوحات، كانت تلتزم بوضع يديها على الطاولة وتوجه كتفها اليمنى للأمام. هذا التكيف مع إعاقتها جعلها تشعر أنه ربما كان لديها ميزة عن الآخرين في بعض الحالات، حيث كانت تجد أنه أسهل لها العمل باستخدام فرشاة قصيرة بدلًا من أداة طويلة.


الحياة الشخصية والمهنية

على الرغم من النجاح الذي حققته، كانت حياة سارة بيفين الشخصية مليئة بالتحديات. في عام 1824، تزوجت من وليام ستيفن رايت، وذكرت بعض المصادر أن العلاقة بينهما شهدت صعوبات أدت إلى انفصالهما بعد فترة قصيرة. بالإضافة إلى ذلك، تكاليف حياتها كانت تتجاوز ما كانت تحققه من دخل، مما دفع إلى دعوة جمع تبرعات لدعمها في السنوات الأخيرة من حياتها.

إرثها وتأثيرها الثقافي

سارة بيفين لا تزال تُذكر كمثال على الإبداع والتحمل في مواجهة الصعوبات. أسلوبها الفني وتقنياتها المبتكرة ألهمت العديد من الأشخاص في مجالات متعددة. كما أن العديد من الأعمال الأدبية، بما في ذلك تلك التي كتبها تشارلز ديكنز، تناولت حياتها وركزت على معاناتها وطريقتها في التغلب على التحديات.

عاشت سارة بيفين حياتها في العديد من المدن البريطانية، بما في ذلك لندن، بريستون، وكيل، وليفربول، حتى توفيت في عام 1850. ورغم أنها واجهت صعوبات مالية في نهاية حياتها، فإن إسهاماتها الفنية وحضورها في المعارض تظل جزءًا من تاريخ الفن البريطاني.

"اعتبرها الخبراء فنانة موهوبة، وقد أكسبتها رعاية الملك شهرة واسعة". في مرحلة ما من مسيرتها الفنية، مُنحت بيفين معاشًا تقاعديًا صغيرًا، ربما من ويليام الرابع، واستمر دفعه حتى وفاتها.






أحدث أقدم

 

نموذج الاتصال