يمثل السفر الجوي تجربة مليئة بالإثارة والحرية لمعظم الناس، ولكنه قد يتحول إلى كابوس حقيقي للأشخاص ذوي الإعاقة بسبب سياسات التمييز وعدم توفر التسهيلات المناسبة. كما تقول صوفي مورجان، مقدمة البرامج التلفزيونية والكاتبة والناشطة في مجال حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة: "يستحق الجميع الحق في السفر"، مشيرةً إلى التمييز المخفي الذي يواجهه مستخدمو الكراسي المتحركة، حيث يتم فصلهم عن أجهزتهم المساعدة، ويُحرمون من الوصول إلى المرافق الأساسية، ويضطرون لتحمل كراسٍ مكسورة وفقدان استقلاليتهم، بل وحتى مواجهة مواقف تهدد حياتهم. ومن واقع تجربتها الشخصية، إذ أصيبت بالشلل إثر حادث سيارة في طفولتها، تشارك صوفي قصتها ودورها في الحركة المتنامية التي تطالب بالمحاسبة والحماية القانونية والتغيير الفعلي لصالح المسافرين ذوي الإعاقة، بما في ذلك الابتكارات الرائدة التي قد تجعل السفر الجوي متاحًا للجميع أخيرًا. وتؤكد أن حملة "حقوق على الرحلات" (Rights on Flights) ليست مجرد معركة من أجل الأشخاص ذوي الإعاقة، بل هي نضال من أجل مستقبل الجميع. صوفي مورجان هي مقدمة برامج تلفزيونية ومنتجة وكاتبة متخصصة في السفر وناشطة في مجال الإعاقة، تسعى لكسر الحواجز المتعلقة بإمكانية الوصول والتمثيل. قدمت برامج حائزة على جوائز على قنوات مثل NBC وChannel 4 وBBC، تناولت فيها قضايا السفر وحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، بالإضافة إلى تغطية أحداث عالمية كبرى مثل دورة الألعاب البارالمبية. مؤخرًا، شاركت في تأسيس شركة Making Space Media بالتعاون مع ريس ويذرسبون ومنصتها الإعلامية Hello Sunshine، حيث عملتا معًا على إنتاج الفيلم الوثائقي "النضال من أجل الطيران" (Fight to Fly) لصالح قناة Channel 4، والذي كشف إخفاقات صناعة الطيران في تلبية احتياجات المسافرين ذوي الإعاقة. وأدى هذا الفيلم إلى إطلاق حملتها العالمية "حقوق على الرحلات" التي تسعى لجعل السفر الجوي أكثر عدالة وشمولًا. كما أنها كاتبة متخصصة في السفر، تنشر مقالاتها في أبرز المجلات المتخصصة، ويعد كتابها الأكثر مبيعًا "القيادة إلى الأمام" (Driving Forwards) شهادة ملهمة على رحلتها في التحدي والدفاع عن الحقوق بعد إصابتها في العمود الفقري. تسلط هذه المقالة الضوء على الحقوق المنتهكة في قطاع السفر الجوي، والتحديات التي يواجهها الأشخاص ذوو الإعاقة، والجهود المبذولة لتحسين الأوضاع، في ظل تزايد الدعوات إلى تحقيق سفر أكثر إنصافًا للجميع.
انتهاكات حقوق ذوي الإعاقة في الطيران
التعامل المهين والمعاملة غير الإنسانية تقول صوفي مورغان في حديثها: "الركاب ذوو الإعاقة يعاملون كأنهم أمتعة، أو حتى ماشية، ولا يتم منحهم الحق في تقرير مصيرهم أثناء السفر."
كما أضافت: "كثيرًا ما يتم ترك المسافرين من ذوي الإعاقة عالقين على متن الطائرة بعد مغادرة الجميع، أو يتم دفعهم دون استئذان، مما يخلق لحظات من التوتر والخوف."
إجبارهم على الانفصال عن كراسيهم المتحركةتضيف مورغان: "السفر الجوي هو وسيلة النقل الوحيدة التي يتم فيها فصلنا عن أجهزتنا التنقلية، ويتم نقلها دون رقابة، مما يعرضها للكسر والضياع."
كما أوضحت أن "بعض شركات الطيران ترفض السماح للمسافرين باستخدام كراسيهم المتحركة على متن الطائرة بسبب حجج تتعلق بالأمان، على الرغم من أن هذه الممارسة لا توجد في وسائل النقل الأخرى."
عدم توفر مرافق أساسية لهم داخل الطائرات"عندما أجلس في مقعدي بالطائرة، لا أفكر في الطعام أو الترفيه، بل أفكر: كيف سأصل إلى الحمام؟ ماذا لو لم أستطع الذهاب؟"
كما صرّحت: "في كثير من الرحلات الجوية، لا توجد دورات مياه مهيأة للأشخاص ذوي الإعاقة، مما يجبرهم على الامتناع عن شرب الماء قبل وأثناء الرحلة لتجنب الحاجة إلى دخول الحمام."
التكاليف الباهظة وتعويضات غير عادلةتوضح مورغان: "كرسيي المتحرك يكلف حوالي 5000 جنيه إسترليني، لكن بعض شركات الطيران لا تعوض سوى 2000 جنيه إسترليني عند تلفه، وقد يستغرق إصلاحه أسابيع أو حتى شهور."
كما أضافت:
"المسافر العادي قد يشعر بالإحباط إذا فقد حقيبته، ولكن تخيلوا أنكم تفقدون وسيلة تنقلكم الأساسية التي تعتمدون عليها يوميًا."
التأثير النفسي والاجتماعي لهذه الانتهاكات
عدم توفير بيئة سفر آمنة ومريحة للأشخاص ذوي الإعاقة يخلق إحساسًا بالعجز والتمييز، مما يحد من قدرتهم على التنقل بحرية مثل غيرهم. كما أن هذه الممارسات تدفع العديد من الأشخاص إلى التخلي عن السفر الجوي تمامًا، مما يفاقم من عزلة الأفراد ذوي الإعاقة.
الجهود القانونية والمبادرات الحقوقية
حملة "حقوق في الرحلات الجوية""بعد أن تعرض كرسيي المتحرك للتلف عدة مرات، قررت استغلال منصتي الإعلامية لإطلاق حملة 'Rights on Flights' بهدف مساءلة شركات الطيران والضغط من أجل التغيير."
وأضافت: "حكومات العالم وشركات الطيران تدرك هذه المشكلة، ولكن لم يتم اتخاذ إجراءات حقيقية لإنهائها حتى الآن."
تطوير مقاعد طيران مخصصة للكراسي المتحركة"تم تطوير نظام 'Air 4 All'، وهو ابتكار يسمح للمسافرين ذوي الإعاقة بالبقاء في كراسيهم المتحركة أثناء الرحلة، لكن حتى الآن لم تتعهد أي شركة طيران بتطبيقه."
كما أضافت: "تم تصميم هذا الحل بمشاركة كبرى شركات الطيران، ومع ذلك، لم يلتزم أي منها بتطبيقه حتى الآن، مما يضعنا في موقف صعب."
الضغط من أجل تشريعات جديدة"القوانين التي تحمي ذوي الإعاقة على الأرض لا تطبق في الجو، ولذلك نطالب بتعديل القوانين لضمان حقوقنا أثناء السفر."
كما صرّحت:
"إذا كان رؤساء شركات الطيران أو المسؤولون الحكوميون مضطرين إلى تحمّل نفس المعاناة التي نعيشها عند السفر، لكان قد تم حل هذه المشكلة منذ وقت طويل."
انتهاك حقوق ذوي الإعاقة في السفر الجوي قضية خطيرة تتطلب اهتمامًا فوريًا من قبل الحكومات والمجتمع المدني. يجب على شركات الطيران الالتزام بمعايير أكثر إنصافًا، وتوفير حلول عملية تضمن دمج ذوي الإعاقة بشكل كامل في تجربة السفر الجوي. كما تؤكد صوفي مورغان: "قد لا تكون أنت من يعاني اليوم، لكن في يوم ما قد يكون أحد أحبائك هو من يواجه هذه التحديات، وحينها ستدرك أهمية هذه القضية."