أنا ليبي من ذوي الإعاقة، ومعظم حياتي قضيتها في ليبيا، حيث عايشت التحديات التي يواجهها الأشخاص ذوو الإعاقة بشكل يومي. مثل غيري من ذوي الإعاقة، عرفت كيف يمكن أن تكون الحياة صعبة بسبب نقص التسهيلات والبنى التحتية الملائمة، إضافة إلى التمييز الاجتماعي الذي لا يزال يحيط بنا. وعلى الرغم من تلك الصعوبات، بدأت في السنوات الأخيرة أرى بعض الأمل في التحركات والجهود التي يبذلها نشطاء من داخل مجتمعنا، لكن هناك ظاهرة ملفتة تثير لديّ العديد من التساؤلات.
الكثير من النشطاء الذين بدأوا في الدفاع عن قضايا الأشخاص ذوي الإعاقة في ليبيا، يثيرون إعجابنا في البداية بحماستهم وصدقهم. لكن المؤسف هو أنه بمجرد أن يصل بعضهم إلى المناصب أو يحققون أهدافهم الشخصية، يلاحظ الجميع تراجعهم وابتعادهم عن القضايا التي كانوا يدافعون عنها في البداية. هذا التراجع يطرح سؤالًا مهمًا: هل كانت قضيتنا بالنسبة لهم وسيلة للوصول إلى غاية شخصية؟ أم أنهم كانوا ملتزمين بحقوقنا وبالدفاع عن قضايا المجتمع بشكل حقيقي؟
بالنسبة لي، إن الالتزام بقضايا الأشخاص ذوي الإعاقة يجب أن يكون طويل الأمد ويستمر بغض النظر عن المكاسب الشخصية. الوصول إلى منصب أو تحقيق نجاح شخصي لا يعني نهاية المطاف، بل يجب أن يكون بداية لمرحلة جديدة من العمل المستمر، حتى بعد أن يحصل الفرد على ما كان يسعى إليه. إن القضية لا تتعلق بالأشخاص الذين يحققون النجاح الفردي، بل بما يحدث على مستوى المجتمع بأسره.
كأشخاص ذوي إعاقة، نعرف تمامًا ما نحتاجه لتحقيق حياة كريمة لنا ولأسرنا. نحتاج إلى بيئة تكون أكثر تقبلًا وتوفيرًا للتسهيلات الضرورية التي تساعدنا على المضي قدمًا في حياتنا اليومية. ولكن هذا لن يتحقق إلا إذا استمر النضال الحقيقي من أجل حقوقنا بعد الوصول إلى المناصب أو المكاسب الشخصية. فالتغيير الحقيقي لا يأتي من مجرد الوصول إلى هدف فردي، بل يأتي من الالتزام المستمر بالقضية والعمل الدؤوب لتحقيق التغيير الذي يحقق العدالة والمساواة للجميع.
في الختام، أقول إن قضية الأشخاص ذوي الإعاقة في ليبيا ليست قضية مؤقتة أو مجرد شعارات. هي مسألة حقوق أساسية يجب أن تكون محور اهتمام الجميع، خاصة أولئك الذين يرفعون أصواتنا. علينا أن نتأكد من أن التغيير الذي نسعى إليه لن يتوقف عند لحظة معينة، بل يجب أن يستمر ويؤثر في المجتمع كله، بغض النظر عن المنصب أو المكاسب الشخصية.