يمكنك استماع الى تدوينة من هنا👇↓⤥
يُحتفل باليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة في الثالث من ديسمبر من كل عام، وهو مناسبة دولية أطلقتها الأمم المتحدة في عام 1992 بهدف تعزيز الوعي بقضايا الإعاقة ودعم حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وضمان كرامتهم ورفاههم. في عام 2024، يتمحور الاحتفال حول موضوع "تعزيز القيادة للأشخاص ذوي الإعاقة من أجل مستقبل شامل ومستدام"، الذي يؤكد على أهمية مشاركة الأشخاص ذوي الإعاقة في قيادة الجهود الرامية إلى بناء عالم أكثر شمولية واستدامة للجميع.
The International Day of Persons with Disabilities (IDPD) is observed annually on December 3rd. The theme for this year is "Amplifying the leadership of persons with disabilities for an inclusive and sustainable future." This theme recognizes the important role that persons with disabilities play in creating a more inclusive and sustainable world for all. It also emphasizes the importance of the participation of persons with disabilities in decision-making processes that affect their lives.
أهمية الموضوع وسياقه الدولي
تأتي أهمية موضوع هذا العام في سياق سياسي ودولي يولي اهتمامًا متزايدًا لمشاركة الأشخاص ذوي الإعاقة في عمليات صنع القرار. يرتبط الموضوع مباشرةً بمساعي الأمم المتحدة لدفع عجلة التنمية الاجتماعية، ومن أبرز هذه المساعي "ميثاق المستقبل" والقمة العالمية المقبلة للتنمية الاجتماعية المزمع عقدها في عام 2025. يهدف موضوع اليوم العالمي إلى تعزيز مركزية الدور القيادي للأشخاص ذوي الإعاقة في جميع هذه الجهود، من المستويات العالمية إلى المحلية، لإبراز قدراتهم على قيادة التغيير الإيجابي في مجتمعاتهم.
خلفية تاريخية لليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة
منذ أن أطلقت الأمم المتحدة اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة، وهو يسعى لزيادة الوعي المجتمعي بأهمية دمج الأشخاص ذوي الإعاقة في جميع جوانب الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية. على مر السنين، ركز هذا اليوم على موضوعات متنوعة تعكس احتياجات وتطلعات الأشخاص ذوي الإعاقة. على سبيل المثال، تناول احتفال عام 1998 موضوع "الفنون والثقافة والحياة المستقلة"، بينما ركز احتفال عام 2023 على شعار "متحدون في العمل لإنقاذ أهداف التنمية المستدامة وتحقيقها للأشخاص ذوي الإعاقة وبمشاركتهم"، مما يُظهر مدى التطور في التركيز على التحديات المتغيرة التي تواجه هذه الفئة.
اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة
في إطار جهودها لضمان حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، أطلقت الأمم المتحدة في الثمانينيات برامج لتعزيز حقوق هذه الفئة. ومن بين هذه البرامج "برنامج العمل العالمي المتعلق بالأشخاص ذوي الإعاقة" عام 1982، و"القواعد الموحدة بشأن تحقيق تكافؤ الفرص للأشخاص ذوي الإعاقة" عام 1993. إلا أن التحول الكبير جاء في عام 2006 عندما اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، التي تهدف إلى تعزيز وحماية وضمان تمتع الأشخاص ذوي الإعاقة بكافة حقوق الإنسان والحريات الأساسية على قدم المساواة مع الآخرين، مع تعزيز احترام كرامتهم المتأصلة.
تعرّف الاتفاقية الأشخاص ذوي الإعاقة بأنهم أولئك الذين يعانون من عاهات بدنية أو عقلية أو فكرية أو حسية طويلة الأجل، والتي قد تعيق مشاركتهم الفعالة في المجتمع عندما تتفاعل مع مختلف الحواجز. وقد انضمت ليبيا إلى قائمة الدول المُصادقة على الاتفاقية في 13 فبراير 2018، بعد صدور قانون رقم 2 لسنة 2013 من المؤتمر الوطني، وذلك بفضل جهود منظمات المجتمع المدني التي استمرت لخمس سنوات متواصلة.
التحديات التي تواجه الأشخاص ذوي الإعاقة في ليبيا
رغم المصادقة على الاتفاقية الدولية، لا تزال ليبيا تواجه تحديات كبيرة في مجال دمج الأشخاص ذوي الإعاقة وضمان حقوقهم. يمكن تلخيص أبرز هذه التحديات فيما يلي:
النقص في التشريعات: رغم وجود قانون رقم 2 لسنة 2013، إلا أن هناك حاجة ماسة إلى مزيد من التشريعات التفصيلية التي توضح آليات تطبيق الاتفاقية على أرض الواقع، وتحدد الإجراءات اللازمة لضمان تمتع الأشخاص ذوي الإعاقة بحقوقهم بشكل عملي.
قصور البنية التحتية: تُعاني ليبيا من ضعف البنية التحتية، مما يحد من قدرة الأشخاص ذوي الإعاقة على الوصول إلى المرافق العامة والخدمات الأساسية، ويقلل من فرص مشاركتهم الكاملة في الحياة المجتمعية.
التمييز المُمنهج: لا يزال الأشخاص ذوو الإعاقة يواجهون التمييز في عدة مجالات مثل التعليم، التوظيف، والرعاية الصحية. هذا التمييز يُسهم في حرمانهم من الفرص المتكافئة ويُعرقل اندماجهم في المجتمع.
قلة الوعي المجتمعي: يُعاني المجتمع الليبي من نقص في الوعي بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة واحتياجاتهم الخاصة، مما يعزز استمرار التمييز ويعيق جهود دمجهم.
تأثير الأوضاع الأمنية: تؤثر الأوضاع الأمنية غير المستقرة على كافة فئات المجتمع الليبي، بما في ذلك الأشخاص ذوي الإعاقة، حيث تُعيق هذه الأوضاع وصولهم إلى الخدمات الأساسية وتعرضهم للمخاطر.
دور الجهات المختلفة في مواجهة التحديات
للتغلب على هذه التحديات، يتطلب الأمر تضافر جهود الجهات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والأشخاص ذوي الإعاقة أنفسهم. يجب على الحكومة الليبية اتخاذ خطوات جدية نحو:
سنّ تشريعات فعالة تضمن تطبيق بنود الاتفاقية وتجريم التمييز ضد الأشخاص ذوي الإعاقة.
تطوير البنية التحتية لتصبح متاحة للجميع، بما يشمل إنشاء مرافق مناسبة ومرافق نقل مهيأة.
توفير الدعم اللازم للتعليم، التأهيل، والتوظيف، إلى جانب تحسين الخدمات الصحية والاجتماعية.
كما يلعب المجتمع المدني دورًا حيويًا في زيادة الوعي بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ومناصرة قضاياهم، من خلال حملات توعية وبرامج دعم متخصصة. ومن جانبهم، يجب على الأشخاص ذوي الإعاقة المشاركة بفعالية في صنع القرارات التي تؤثر على حياتهم، والمطالبة بحقوقهم في جميع المحافل.
يُعتبر اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة فرصة مهمة لتسليط الضوء على التحديات التي يواجهها الأشخاص ذوو الإعاقة في ليبيا، وللتأكيد على أهمية دمجهم في المجتمع وتمكينهم من العيش بكرامة واستقلالية. إن تحقيق مستقبل أفضل يتطلب جهودًا مشتركة من كافة أطياف المجتمع لضمان حقوق هذه الفئة وبناء مجتمع أكثر عدالة وإنصافًا للجميع.