شكلت ألعاب الشباب البارالمبية الأوروبية إسطنبول 2025 منصة محورية لدعم ملف انضمام رياضة كرة القدم للمبتورين إلى الألعاب البارالمبية. فمن خلال إدراجها ضمن "برنامج الاستكشاف" (Discovery Program)، تم تسليط الضوء على هذه الرياضة كجزء من مسعى منظم لتعزيز حضورها الدولي والدفع نحو إدراجها رسميًا في البرنامج البارالمبي مستقبلًا.
تُعد كرة القدم للمبتورين رياضة سريعة الانتشار، تأسست في ثمانينيات القرن الماضي بالولايات المتحدة. وهي رياضة جماعية يلعبها 7 لاعبين (لاعبو الميدان مبتورو الأطراف السفلية ويستخدمون العكازات، وحراس المرمى مبتورو الأطراف العلوية). تخضع الرياضة لإدارة "الاتحاد الدولي لكرة القدم للمبتورين" (WAFF)، وتُمارس حاليًا في أكثر من 40 دولة حول العالم، مما يعكس قاعدتها الجماهيرية المتنامية وسعيها للحصول على اعتراف بارالمبي كامل.
في إطار هذا البرنامج، أقيمت مباريات استعراضية جمعت المنتخب التركي لكرة القدم للمبتورين تحت 23 عامًا بنظيره البولندي مرتين على مدى يومين متتاليين. لم تكن هذه المباريات مجرد حدث ودي، بل خطوة عملية تهدف إلى إثبات جاهزية الرياضة وقدرتها على جذب الاهتمام على أعلى المستويات، لدعم ملفها الرسمي للاعتراف.
وقد فاز المنتخب التركي في المباراتين (بنتيجة 3-1 في اليوم الأول، و 2-1 في اليوم الثاني)، مما عكس المستوى المتقدم للفرق المشاركة وجاهزيتها للمنافسات الرسمية.
يأتي هذا التحرك بالتزامن مع النجاحات الدولية الملحوظة التي حققتها كرة القدم للمبتورين، خاصة فوز المنتخب التركي الأول ببطولة العالم عامي 2017 و 2022، وبطولة أوروبا 2021. هذه الإنجازات ساهمت في تعزيز مكانة الرياضة عالميًا وزيادة المطالبات بإدراجها بارالمبيًا.
يسهم هذا الزخم المتزايد في تعزيز ملف الرياضة للحصول على الاعتراف البارالمبي الكامل. وتُعد المبادرة التي قُدمت في إسطنبول، أثناء استضافة واحدة من أكبر الدورات البارالمبية للشباب، مرجعًا هامًا سيعتمد عليه صناع القرار عند تقييم ملف الرياضة وتحديد مستقبلها في الألعاب.
هذا الزخم الدولي والنجاح المتنامي يفتح آفاقًا جديدة، ويمثل دعوة للدول التي قد تشهد تزايدًا في أعداد مبتوري الأطراف، مثل ليبيا، لتبني هذه الرياضة. نظرًا للظروف والتحديات، يمكن أن توفر كرة القدم للمبتورين منفذًا حيويًا لإعادة التأهيل والدمج المجتمعي، فضلاً عن فرصة للمنافسة على المستوى الدولي. إن تأسيس فرق وبنية تحتية لهذه الرياضة في ليبيا لن يخدم شريحة هامة من المجتمع فحسب، بل سيفتح الباب أيضًا للمشاركة في ساحة رياضية عالمية تشهد نموًا سريعًا.
تقود اللجنة البارالمبية الوطنية التركية،بصفتها ممثلة لإحدى الدول الرائدة في هذه الرياضة، جهودًا واضحة لدعم هذا الملف. لم تكن خطوة إسطنبول 2025 مجرد فرصة لعرض الرياضة، بل كانت خطوة محسوبة ضمن مسار دبلوماسي ورياضي طويل الأمد. ورغم أن احتمالية الانضمام الرسمي للألعاب البارالمبية تخضع لعملية تقييم مطولة ومعقدة من قبل اللجنة البارالمبية الدولية (IPC) واللجنة المنظمة للألعاب المعنية، إلا أن مثل هذه المبادرات تزيد بشكل كبير من فرص اعتمادها مستقبلًا. وبينما يُعتبر برنامج ألعاب لوس أنجلوس 2028 شبه مكتمل، فإن العديد من الاتحادات الرياضية تركز جهودها على دورة بريسبان 2032. وتُعد الفعاليات الناجحة مثل "برنامج الاستكشاف" في إسطنبول 2025 حاسمة لبناء ملف قوي يدعم الانضمام في أقرب فرصة ممكنة، سواء كانت 2032 أو ما بعدها، لتحقيق الهدف المنشود: اعتماد كرة القدم للمبتورين رسميًا في الألعاب البارالمبية.
