تحليل فني شامل: محمود رجب وطموحات الميدالية الليبية في بطولة العالم لألعاب القوى البارالمبية - نيودلهي 2025



 مثل مشاركة البطل الليبي محمود سعد رجب في بطولة العالم لألعاب القوى لذوي الإعاقة، التي تقام حليا في نيودلهي عام 2025، محطة مفصلية في مسيرته الرياضية الحافلة، وحدثاً استثنائياً يحمل في طياته دلالات وطنية ودولية عميقة. في خضم أكبر تجمع رياضي بارالمبي عالمي، يشارك رجب كنموذج مشرف للرياضة الليبية، متنافساً مع أكثر من  1,000  رياضي من 104 دول، ليثبت أن الإرادة الليبية قادرة على الوصول إلى أعلى منصات التتويج العالمية.

الإطار التنافسي: فك شفرة التصنيف F57 ومتطلباته الفنية

وفقاً لتحليل عز الدين بلعيد، مدير إدارة المنتخبات باللجنة البارالمبية الليبية والمختص في ألعاب القوى لذوي الإعاقة والذي كان مشرفاً على الرياضي محمود رجب، فإن محمود يخوض منافساته ضمن التصنيف F57. ويوضح بلعيد أن هذه الفئة مخصصة للرياضيين ذوي الإعاقة الحركية الذين يتنافسون من وضعية الجلوس. يتميز هذا التصنيف بالدقة، حيث يضم رياضيين يعانون من ضعف في القوة العضلية أو نقص في الأطراف، مع احتفاظهم بقوة كاملة في الجزء العلوي من الجسم. يعتمد التفوق في هذه الفئة بشكل حاسم على مزيج متكامل من:

  • قوة الجذع والكتفين: المصدر الرئيسي لتوليد الطاقة.
  • استقرار المقعد: أساس الأداء التقني السليم.
  • تقنية الإفلات المثالية: التحكم الدقيق في لحظة انطلاق القرص.
  • زاوية الإفلات: النطاق المثالي يتراوح بين 34 و 36 درجة لتحقيق أقصى مسافة.


يواجه الرياضيون في هذا التصنيف تحدياً فنياً معقداً، إذ يتعين عليهم تعويض غياب الأطراف السفلية عبر تحسين تقنيات الجزء العلوي من الجسم إلى أقصى حد.




تحليل الأداء بالأرقام: موقع رجب على الخارطة العالمية

لفهم الموقع التنافسي لمحمود رجب، لا بد من تحليل أرقامه في سياق المعايير الدولية:

  • الرقم الحالي: 46.19 متر (ملتقى تونس الدولي 2025).
  • الرقم الشخصي الأفضل: 47.02 متر (مراكش 2018).
  • الرقم القياسي العالمي (F57): 49.09 متر (الصيني تشانغ ويهاي، أولمبياد بكين 2008).

الفجوة بين أفضل أرقام رجب والرقم القياسي العالمي تبلغ حوالي مترين فقط، مما يضعه في قلب المنافسة على الميداليات. وتشير البيانات التاريخية للبطولات العالمية إلى أن حصد الميداليات في هذه الفئة يتطلب عادةً تحقيق الأرقام التالية:

  • الميدالية البرونزية والفضية: تتراوح بين 45 و 47.5 متر.
  • الميدالية الذهبية: تتطلب تجاوز حاجز 47.5 - 49 متر.

بناءً على هذا التحليل، فإن رقم رجب الحالي يضعه في نطاق المنافسة القوي، بينما رقمه الشخصي الأفضل يجعله منافساً مباشراً على الذهب.

مسيرة من الثبات: تحليل التطور الفني والاستقرار النفسي

تتميز مسيرة محمود رجب بالتطور المستمر والثبات في الأداء، وهو ما يتجلى في إنجازاته المتعددة:

  • ذهبية رمي القرص في مراكش 2018 (47.02 متر).
  • ذهبية رمي القرص في ملتقى تونس 2025 (46.19 متر).
  • فضية رمي الرمح في بطولة فزاع 2019 برقم قياسي إفريقي (11.80 متر).
  • رقم قوي في دفع الجلة (12.04 متر) في ملتقى تونس 2025.

إن قدرته على تحقيق أرقام متقاربة في بطولات كبرى مختلفة تشير إلى استقرار تقني ونفسي عالٍ، وهو عامل حاسم في إدارة ضغوط المنافسات العالمية. هذه الخبرة الواسعة تمنحه ميزة ذهنية تمكنه من تقديم أفضل أداء تحت الضغط.


التحديات والفرص في نيودلهي

لا تخلو المنافسة من تحديات، أبرزها:

المنافسون الدوليون: تتميز فئة F57 بوجود منافسة شرسة، خاصة من دول شمال إفريقيا وآسيا، مما يرفع سقف الأداء المطلوب.

الظروف المناخية: قد تؤثر الرطوبة ودرجات الحرارة المرتفعة في نيودلهي على الإمساك بالقرص وأداء العضلات، مما يتطلب تكيّفاً بدنياً وتقنياً.

المعايير الفنية للملعب: سيقام الحدث على مضمار مونو جديد، وهو نفس النوع المستخدم في أولمبياد باريس 2024، مما يوفر بيئة تنافسية عالمية المستوى.

تقييم احتمالات الفوز و استراتيجية المنافسة

بناءً على التحليل الفني، يمكن تقدير فرص رجب كالتالي:

الميدالية البرونزية: فرص مرتفعة جداً (80-85%). رقمه الحالي يضعه ضمن نطاق الأمان النسبي لهذا المركز.

الميدالية الفضية: فرص قوية (60-70%). تحقيق رقم يتجاوز 46.50 متر يجعله منافساً قوياً على المركز الثاني.

الميدالية الذهبية: فرص محتملة (30-40%). تتطلب أداءً استثنائياً يتجاوز 47.5 متر واستغلال أي تراجع في أداء المنافسين.

استراتيجية مقترحة:

المحاولة الأولى: رمية آمنة (44-45 متر) لضمان تسجيل رقم وبناء الثقة.

المحاولات الوسطى: زيادة الجرأة للوصول إلى أفضل رقم في الموسم.

المحاولات النهائية: التركيز الكامل على تحسين زاوية الإفلات وتوقيت الرمي لتحقيق أقصى مسافة ممكنة.

الأبعاد الوطنية: رمزية تتجاوز الرياضة

تحمل مشاركة محمود رجب أهمية استراتيجية للرياضة الليبية، خاصة في قطاع ذوي الإعاقة الذي يواجه تحديات بنيوية وتمويلية كبيرة. في ظل محدودية الإمكانيات، تُعد إنجازات رجب مصدر إلهام ورسالة قوية حول قدرة الإرادة على تحقيق المستحيل. نجاحه في نيودلهي قد يشكل نقطة تحول، ويسلط الضوء على ضرورة:

  • بناء استراتيجية وطنية لدعم الرياضة البارالمبية.
  • توفير مرافق تدريبية متخصصة.
  • زيادة الاهتمام الإعلامي بإنجازات الأبطال البارالمبيين.

 لحظة تاريخية للرياضة الليبية

يدخل محمود رجب بطولة العالم في نيودلهي وهو ليس مجرد رياضي مشارك، بل مشروع بطل ومرشح قوي لحصد ميدالية تاريخية. بناءً على استقراره الفني، وخبرته الدولية، وأرقامه التنافسية، فإن التوقعات تشير إلى أداء مميز قد يضع ليبيا على منصة التتويج العالمية. إنها فرصة لتسجيل إنجاز يتردد صداه في ذاكرة الرياضة الليبية والعالمية، ويثبت أن الأبطال يولدون من رحم التحديات.



أحدث أقدم

 

نموذج الاتصال