إفلاس غير معلن وخذلان رسمي: من يُنقذ الخطوط الجوية الليبية؟

 


بينما تستمر بعض الجهات الرسمية في تزيين الواقع بمنشورات وردية عن "نجاحات خارجية" واستثمارات مبهمة، تنهار أمامنا واحدة من أعرق المؤسسات الوطنية بصمت مؤلم: الخطوط الجوية الليبية.

في السنوات الماضية، لم تكن الأزمة التي تمر بها هذه الشركة مجرد تعثر مالي عابر، بل انهيار تدريجي تُوّج مؤخرًا بما يشبه إعلان إفلاس ناعم، وإن حاولت الإدارة نفي ذلك والتأكيد على "الاستمرار في التسيير وفق الجداول المعتادة". لكن الواقع الذي لا يُمكن تزيينه يروي قصة مختلفة تمامًا:

✈️ أسطول مدمر،

✈️ طائرات متوقفة،

✈️ ديون متراكمة،

✈️ مرتبات متأخرة،

✈️ وانكماش في الوجهات التشغيلية إلى 3 دول فقط بعد أن كانت الشركة تسير رحلات إلى أكثر من 20 وجهة دولية.

البيان الأخير الصادر عن الشركة يوضح حجم الكارثة: تضرر الأسطول ومخازن الصيانة خلال الاشتباكات المسلحة في مطار طرابلس الدولي، وعدم تلقي أي دعم حقيقي من الدولة منذ أكثر من ثلاث سنوات. وفي نداء صريح، طالب المتحدث الرسمي للشركة، أحمد الطيرة، بتدخل الدولة لإنقاذ هذا المرفق الحيوي، الذي لم يعد قادرًا حتى على تأمين أجور موظفيه.

رغم نفي الإدارة إعلان الإفلاس، إلا أن الواقع المالي والفني للشركة لا يترك مجالاً للشك: ما يحدث هو إفلاس فعلي، بصيغة مغلفة، وغياب كامل لحضور الدولة كجهة مالكة ومسؤولة.

هذه ليست مجرد شركة تتعثر، بل ناقل وطني كان يحمل علم ليبيا في مطارات العالم، وشهد عقودًا من الخدمة كمؤسسة سيادية تعكس صورة البلاد. أما اليوم، فها هي تصارع من أجل البقاء في غياب تام لما يمكن تسميته بحكومة راشدة أو سياسة عامة لحماية القطاع العام.



الوضع خطير... والتدخل لم يعد خيارًا

الصمت الرسمي تجاه هذه الأزمة غير مبرر، ويضع علامات استفهام كبرى حول أولويات الدولة الليبية.

من غير المعقول أن تستمر حكومة تستهلك الميزانيات في الترويج لإنجازات خارجية وهمية، بينما تُترك مؤسسات داخلية عريقة تواجه مصيرها لوحدها.

إذا كانت الدولة غير قادرة على حماية شركاتها الوطنية، فكيف لها أن تبني اقتصادًا؟

وإذا لم تتحمل الحكومة مسؤولياتها في مثل هذه الأزمات، فمتى تتحرك؟

إنقاذ الخطوط الجوية الليبية ليس فقط إنقاذ شركة، بل استعادة لجزء من السيادة الوطنية، واحترام لتاريخ مؤسسة خدمت البلاد لعقود. المطلوب اليوم ليس بيانات علاقات عامة، بل تدخل مالي، تشريعي، وإداري عاجل يعيد الهيبة لهذا الناقل الوطني ويوقف نزيف الانهيار.

أحدث أقدم

 

نموذج الاتصال