ليبيا التي في خطاب الكيلاني... ليست ليبيا التي نعيش فيها!



English

على هامش القمة العالمية للإعاقة: الكيلاني ترسم صورة وردية بعيدة عن الحقيقة

في مشهد يبعث على الغصة أكثر من الفخر، ألقت وزيرة الشؤون الاجتماعية الليبية، السيدة وفاء أبوبكر الكيلاني، كلمة في "الحدث العربي رفيع المستوى" ضمن فعاليات القمة العالمية للإعاقة ببرلين، مليئة بالتعهدات والعبارات الرنانة. ولكن، وللأسف، فإن ما قيل هناك لا يمت للواقع الليبي بصلة.

"أكدت الوزيرة... التزام ليبيا بدعم ريادة الأعمال للأشخاص ذوي الإعاقة وتعزيز التكنولوجيا والابتكار كأدوات رئيسية لتمكينهم وضمان استقلاليتهم." (المصدر: صفحة وزارة الشؤون الاجتماعية الليبية على فيسبوك، 4 أبريل 2025 ساعة 1 صباحا بتوقيت ليبيا)

أي استقلالية؟ أي دعم؟ أين هذه "الريادة" في بلد ما زال الأشخاص ذوو الإعاقة فيه يُعاملون كعبء، وتُغلق في وجوههم أبواب الوظائف والخدمات؟ هل تعلم الوزيرة أن أغلب المباني الحكومية غير مهيأة لهم؟ وأن التكنولوجيا التي تتحدث عنها لا تصلهم حتى في أبسط صورها؟

لقد وصفت الوزيرة ليبيا بأنها مستعدة "للتعاون والتنسيق" لتنفيذ "إعلان عمان – برلين"، وقالت إنها ترحب بجائزة للمبدعين من الأشخاص ذوي الإعاقة، وتحدثت عن "برامج تدريبية متخصصة" و"آليات تشاركية" لتبادل الخبرات.

"أعلنت ترحيب ليبيا بالمساهمة في جائزة للمبدعين من الأشخاص ذوي الإعاقة، دعماً لتمكينهم وتحفيز إبداعهم." (صفحة الوزارة على فيسبوك)

لكن هذه الجائزة، وهذه "الآليات"، لا معنى لها في ظل غياب أبسط حقوق الحياة اليومية في ليبيا:

  • لا طرق ممهدة.

  • لا دعم حقيقي في التعليم الجامعي أو المدرسي.

  • لا رعاية صحية متخصصة.

  • لا ضمان اجتماعي كافٍ.

  • ولا حتى صوت حقيقي يُسمع من أصحاب الإعاقة في السياسات الوطنية.

بل الأكثر غرابة هو قولها:

"أهمية توظيف التكنولوجيا لضمان حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في مواجهة المخاطر والحروب والأوبئة." (الوزيرة الكيلاني، برلين)

في الوقت الذي لا يستطيع فيه العديد من ذوي الإعاقة في ليبيا الخروج من بيوتهم بسبب غياب الأرصفة المهيأة، ولا يجدون كراسي كهربائية صالحة أو قطع غيارها، ولا يتوفر لهم الإنترنت في المراكز التأهيلية أو حتى الكهرباء بشكل مستقر.

هل الوزيرة زارت مراكز الإيواء أو التأهيل الحكومية مؤخراً؟ هل رأت بأم عينها الوضع الكارثي لمركز جنزور مثلاً؟ وهل قابلت من يعيشون الإعاقة في أزقة طرابلس، وبنغازي، وسرت، وأوباري، ودرنة، وهم يواجهون العزلة، وغياب الدعم، وانعدام أي أفق؟

إنه من العار أن يُستغل منبر دولي كهذا لتزييف واقع قاسٍ، وأن تتحول معاناة الأشخاص ذوي الإعاقة في ليبيا إلى وسيلة للتلميع السياسي. من المؤلم أن يُختزل النضال اليومي في كلمات جوفاء تقال باسمهم، بينما هم خارج القاعات، بلا صوت، وبلا منصة.

ختاماً، ليبيا التي تكلمت عنها الكيلاني في برلين، ليست ليبيا التي نعيشها. ليبيا التي نعرفها، تُقصي ذوي الإعاقة بدل أن تحتضنهم. والواقع لا يمكن طمسه بخطاب براق في محفل دولي.


أحدث أقدم

 

نموذج الاتصال