غياب المنتخب الليبي عن ملتقى مراكش الدولي لألعاب القوى البارالمبية: تساؤلات حول تأخير التأشيرات ودور اللجنة المنظمة



في مشهد أثار الكثير من الجدل، غاب المنتخب الليبي لألعاب القوى البارالمبية عن المشاركة في النسخة التاسعة من ملتقى مولاي الحسن الدولي – الجائزة الكبرى لألعاب القوى البارالمبية، الذي تحتضنه مدينة مراكش، رغم استكماله كافة الإجراءات التنظيمية والإدارية المطلوبة للمشاركة، وفق ما أكده السيد خالد رقيبي، رئيس اللجنة البارالمبية الليبية. وقد أثار هذا الغياب موجة من التساؤلات حول أسباب تأخر إصدار التأشيرات والمسؤوليات الواقعة على عاتق اللجنة المنظمة المحلية والاتحاد الدولي لألعاب القوى البارالمبية (WPA).


خالد رقيبي، رئيس اللجنة البارالمبية الليبية

وبحسب مصادر مطلعة، كانت بعثة المنتخب الليبي قد أكملت جميع متطلبات التسجيل الرسمي في الملتقى الدولي، وتم قبول مشاركتها بشكل كامل. كما تم حجز تذاكر السفر وتأمين الترتيبات اللوجستية اللازمة استعدادًا للسفر والمشاركة. ورغم تقديم طلبات التأشيرة ضمن الآجال الزمنية المحددة، إلا أن التأشيرات لم تصدر في الوقت المناسب، ما أدى إلى استحالة التحاق الفريق الليبي بالحدث.

ويُشير متابعون إلى أن المنتخب الليبي لم يتلق الدعم الكافي من اللجنة المنظمة المحلية (LOC) ولا من الاتحاد الدولي لألعاب القوى البارالمبية (WPA) لتجاوز العقبات التي واجهته، رغم إدراك الجميع لأهمية هذا الحدث على مستوى التصنيف الدولي وإتاحة الفرص التنافسية العادلة لجميع الرياضيين.

مصادر رياضية دولية أكدت أن هذا الوضع قد يشكل انتهاكًا واضحًا لمبادئ المساواة وعدم التمييز المنصوص عليها في دستور اللجنة البارالمبية الدولية (IPC Constitution) ودليلها الإرشادي، واللذين يضمنان وصول جميع الرياضيين واللجان البارالمبية الوطنية إلى البطولات الدولية دون عراقيل أو تمييز. كما أن لوائح الاتحاد الدولي لألعاب القوى البارالمبية تفرض على اللجان المنظمة والأطراف ذات العلاقة مسؤولية تسهيل حصول جميع المشاركين المؤهلين على الدعم اللوجستي اللازم، بما في ذلك تيسير إجراءات التأشيرات.

وقد ألحق غياب المنتخب الليبي خسائر مادية معتبرة، شملت كلفة تذاكر السفر غير القابلة للاسترجاع، فضلًا عن الأضرار المعنوية الكبيرة الناتجة عن فقدان فرصة المشاركة الدولية وتسجيل النقاط في التصنيف العالمي. هذه الأضرار، وفقًا لمراقبين، لا تمس فقط بمصالح اللاعبين الليبيين، بل تضرب مبدأ تكافؤ الفرص الذي تُبنى عليه الحركة البارالمبية العالمية.



وفي سياق هذه القضية، أعلن البطل البارالمبي الليبي محمود رجب، المتخصص في ألعاب القوى، عبر صفحته الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي عن عدم تمكنه من المشاركة في النسخة التاسعة من الملتقى الدولي للبارا ألعاب القوى – الجائزة الكبرى، الذي يُعقد في مدينة مراكش المغربية في الفترة من 24 إلى 26 أبريل 2025، بسبب عدم حصوله على تأشيرة السفر. وقال رجب في منشوره:

"الأمور صعبة جدًا. لم أتمكن من المشاركة في ملتقى المغرب الدولي 9 لعدم حصولي على تأشيرة. لكنني مستمر."

وتأتي هذه التصريحات في وقت لم يتضح فيه بعد ما إذا كانت البعثة الليبية ستشارك في هذا الحدث الرياضي الدولي، وسط أنباء غير مؤكدة عن وجود صعوبات تتعلق بالحصول على التأشيرات. وحتى لحظة كتابة هذا الخبر، لم تصدر اللجنة البارالمبية الليبية أي توضيح رسمي بشأن ظروف المشاركة أو غياب بعض الرياضيين.

وبالتوازي مع ذلك، شهدت مراكش انطلاق الملتقى الدولي التاسع بمشاركة قياسية بلغت 51 دولة من مختلف أنحاء العالم، وسط غياب ليبيا رغم توجيه دعوة رسمية لها من الجهة المنظمة. ويُعد هذا الحدث محطة معتمدة ضمن سلسلة الجائزة الكبرى للاتحاد الدولي لألعاب القوى البارالمبية (World Para Athletics - WPA)، ويكتسي أهمية بالغة في إطار التحضيرات لدورة الألعاب البارالمبية المقبلة. ويشارك في الملتقى أكثر من 500 رياضي ورياضية يمثلون نخبة أبطال العالم في مختلف تخصصات ألعاب القوى البارالمبية.

في ظل هذه الملابسات، تعتبر مصادر رياضية ليبية أن اللجنة البارالمبية الليبية مدعوة إلى التحرك العاجل للمطالبة بإجراء تحقيق رسمي في هذه الحادثة، والمطالبة بتحديد المسؤوليات ومحاسبة الأطراف التي تسببت في حرمان الرياضيين الليبيين من حقهم المشروع في المشاركة. كما أشارت المصادر إلى إمكانية اللجوء إلى القنوات القانونية لمطالبة اللجنة المنظمة والجهات ذات العلاقة بتعويضات مالية عن الخسائر التي لحقت بالبعثة الليبية.

وتعزز هذه الحادثة المخاوف القديمة من أن بعض اللجان المنظمة لا تلتزم بمعايير الشفافية والإنصاف عند استضافة الأحداث الدولية، مما يفتح المجال أمام ممارسات قد تنطوي على نوع من التمييز أو التهميش بحق بعض الدول والرياضيين.

كما يبرز تساؤل آخر يتعلق بدور اللجنة البارالمبية الدولية (IPC) والاتحاد الدولي لألعاب القوى البارالمبية (WPA) في مراقبة التزام اللجان المنظمة بحقوق جميع الرياضيين، وضمان ألا يتحول الحصول على تأشيرات السفر إلى عقبة تقضي على طموحات وأحلام الرياضيين من ذوي الإعاقة في التنافس على المستوى الدولي.

وفي ختام هذا المشهد المؤسف، يؤكد متابعون أن الضرر الذي لحق بالمنتخب الليبي يجب أن يكون حافزًا لمراجعة السياسات المتبعة حاليًا، لضمان عدم تكرار هذه الحوادث مستقبلاً، وتعزيز معايير الشفافية والمساواة في جميع البطولات البارالمبية.

يبقى الأمل أن تشهد المرحلة المقبلة تحركات جدية لتصحيح المسار، وضمان حماية الحقوق المشروعة لجميع رياضيي العالم، بما ينسجم مع القيم السامية التي قامت عليها الحركة البارالمبية الدولية.


أحدث أقدم

 

نموذج الاتصال