تعاون أم بروباغندا؟ تساؤلات حول نتائج زيارات السفارة الألمانية للجنة البارالمبية الليبية



في فبراير 2025، استمرت اللقاءات المتتالية بين اللجنة البارالمبية الليبية والسفارة الألمانية في طرابلس، في خطوة قد تبدو واعدة على الورق، ولكن تساؤلات عدة بدأت تُطرح حول مدى جدوى هذه الاجتماعات في تحسين واقع رياضة الأشخاص ذوي الإعاقة في ليبيا. آخرها كان الاجتماع الذي جمع بين رئيس اللجنة البارالمبية الليبية، خالد الرقيبي، وأمين الصندوق نوري عبدالواحد، والقائم بأعمال السفارة الألمانية في ليبيا، سفين كروسبي، في مقر اللجنة. الاجتماع كان يهدف إلى تعزيز التعاون الرياضي بين البلدين، لكن السؤال الذي يظل عالقًا هو: هل ستثمر هذه اللقاءات في نتائج فعلية، أم ستبقى في إطار الوعود دون أن تجد طريقها إلى أرض الواقع؟

اللقاء الأخير بين اللجنة البارالمبية والسفارة: بحث التعاون الرياضي

في الاجتماع الأخير، وفقًا للصفحة الرسمية للجنة البرالمبية الليبية، تم مناقشة عدد من النقاط الهامة التي ركزت على تعزيز التعاون الرياضي بين ليبيا وألمانيا في مجال رياضة الأشخاص ذوي الإعاقة. أبرز هذه النقاط شملت:

تفعيل الاتفاقيات الرياضية: تم التباحث حول تفعيل الاتفاقيات الموقعة بين البلدين في مجال الرياضة البارالمبية. هذه الاتفاقيات، التي تشدد على تبادل الخبرات والمشاركة في المسابقات الدولية، تمثل خطوة إيجابية، لكن يبقى التساؤل حول كيفية تطبيق هذه الاتفاقيات على أرض الواقع وكيف ستؤثر بشكل مباشر على رياضيي ذوي الإعاقة في ليبيا.

تسهيل إجراءات السفر: من بين النقاط التي تم تناولها أيضًا تسهيل إجراءات سفر الوفود الليبية إلى المسابقات الدولية، خصوصًا تلك التي تُنظم في ألمانيا. قد تكون هذه الخطوة مهمة لتوفير فرص أكبر للمشاركة في البطولات العالمية، ولكن تبقى الخطوة التالية هي ضمان تفعيل هذا البند بشكل سلس وفعال، ومراقبة مدى استجابة السلطات المعنية له.

إنشاء مراكز رياضية متخصصة: نوقش أيضًا ضرورة إنشاء مراكز رياضية متخصصة للأشخاص ذوي الإعاقة في ليبيا، وهي من أولويات اللجنة البارالمبية الليبية. ولكن حتى الآن، لم نرَ أي مشاريع ملموسة تُترجم هذه الوعود إلى واقع ملموس، مما يثير تساؤلات حول مصير هذه الخطط المستقبلية.

المنح الدراسية: تم التباحث بشأن توفير منح دراسية للأشخاص ذوي الإعاقة، وهو ما يمكن أن يساهم في تحسين مستوى التعليم والتدريب الرياضي لهذه الفئة. ومع ذلك، ما يزال تنفيذ هذه الوعود غير واضح، خاصة في ظل الوضع الاقتصادي والسياسي الصعب الذي تشهده ليبيا.

التعاون مع وكالة GiZ الألمانية: تم التنسيق مع وكالة GiZ الألمانية لدعم إنشاء مراكز رياضية جديدة، ولكن لم يتم الإعلان عن أية خطوات فعلية لبدء تنفيذ هذا التعاون، مما يترك الكثير من الغموض حول إمكانية تنفيذ هذه المشاريع في المستقبل.

نشرت صفحة السفارة الألمانية منشورًا حول الاجتماع الذي جرى مؤخرًا، حيث قام القائم بأعمال السفارة في ليبيا، السيد سفن كروسبه، بزيارة اللجنة البارالمبية الليبية في طرابلس. خلال الزيارة، التقى السيد كروسبه برئيس وأعضاء اللجنة، حيث تم استعراض أنشطتها وإنجازاتها في دعم الرياضيين ذوي الإعاقة في مختلف أنحاء ليبيا.

وأعرب السيد كروسبه عن إعجابه الكبير بالعمل الذي تقوم به اللجنة، مثمنًا دورها الفعّال في تعزيز مشاركة الرياضيين ذوي الإعاقة. كما تم خلال اللقاء بحث سبل تعزيز التعاون في مجال الرياضة البارالمبية، بما يسهم في تمكين الرياضيين وتعزيز الشمولية والمساواة.


الزيارة السابقة من السفارة الألمانية: دعم مبدئي دون نتائج واقعية

وفي 2014، كانت زيارة السفير الألماني السابق ولقائه مع رئيس اللجنة البارالمبية، قد أسفرت عن التزام ألمانيا بتقديم الدعم من خلال مؤسسة فرانز بيكنباور الرياضية. كان الحديث في ذلك الوقت يدور حول توفير المعدات الرياضية اللازمة لرياضات الأشخاص ذوي الإعاقة في ليبيا. لكن بعد مرور سنوات، لا تزال النتائج الفعلية لهذه الوعود غير واضحة. لم يتم توثيق كيف تم تنفيذ هذا الدعم على أرض الواقع وهل وصلت المعدات فعلاً إلى الرياضيين الذين في حاجة إليها.


 السيد خالد الرقيبي رئيس اللجنة البارالمبية الليبية والسيد كرستيان فالتر موخ السفير الألماني بليبيا 

التحدي الأكبر: تحول الاجتماعات إلى مجرد بروباغندا؟

التساؤلات التي تثار الآن هي: هل هذه الزيارات والاجتماعات هي مجرد بروتوكولات تهدف إلى تعزيز الصورة الإعلامية دون أن تحقق فائدة حقيقية للأشخاص ذوي الإعاقة؟ هل كان الهدف من هذه الاجتماعات هو تسليط الضوء الإعلامي على الجهود الدبلوماسية فقط، دون تحقيق تغيير ملموس على أرض الواقع؟

التساؤلات والمخاوف: هل سيتحقق ما وُعد به؟

بينما يظل التعاون بين ليبيا وألمانيا في مجال رياضة الأشخاص ذوي الإعاقة خطوة إيجابية، فإن العديد من المعنيين بهذا المجال يتساءلون عن مدى تأثير هذه الزيارات والاتفاقيات على واقع الرياضيين ذوي الإعاقة في ليبيا. إن الاجتماعات والاتفاقيات ليست كافية إذا لم تُترجم إلى مشاريع وبرامج عملية تُسهم في تحسين حياة الرياضيين ورفع مستوى الرياضة البارالمبية في البلاد.

في هذا السياق، يجب على اللجنة البارالمبية الليبية أن تعمل على تحويل هذه الوعود إلى خطط عملية تنعكس بشكل ملموس على الأرض. لا يمكن الاكتفاء بعقد الاجتماعات وكتابة الاتفاقيات دون متابعة حقيقية وفعالة لتحقيق النتائج المرجوة. إن مهنية الإدارة والقدرة على تحقيق التقدم على الأرض هي ما سيحدد نجاح هذه الجهود، وإذا لم يُترجم هذا التعاون إلى خطوات عملية، فإن هذه الزيارات قد تُعتبر مجرد بروباغندا إعلامية أكثر منها فرصة حقيقية لتطوير رياضة الأشخاص ذوي الإعاقة في ليبيا.

 يُعقد الأمل على أن تُترجم هذه الزيارات والاتفاقيات إلى إنجازات حقيقية وملموسة تساهم في رفع مستوى رياضة الأشخاص ذوي الإعاقة في ليبيا وتوفير بيئة رياضية ملائمة تدعم هذه الفئة. فإذا لم تتحقق هذه الوعود على الأرض، فإن الانتقادات ستظل مستمرة، وسيظل التساؤل قائمًا حول ما إذا كانت هذه الزيارات مجرد بروباغندا إعلامية، أم أنها خطوة حقيقية نحو تحسين واقع رياضة الأشخاص ذوي الإعاقة في ليبيا.


أحدث أقدم

 

نموذج الاتصال