مرت 14 عامًا منذ انطلقت ثورة 17 فبراير 2011، التي كان لها تأثير عميق على مسار ليبيا وتاريخها المعاصر. كان ذلك اليوم مليئًا بالأمل والتطلعات نحو الحرية، العدالة، والمساواة.
لم يعد ذلك اليوم يستحق الاحتفال. أصبحت مجرد حكاية تروى دون شعور، تاريخًا يمضي كأي يوم آخر. كان يومًا مليئًا بالأمل، بالأحلام الكبيرة عن الحرية والتغيير، عن ليبيا جديدة تنعم فيها العدالة والمساواة. لكن مع مرور السنوات، تلاشت تلك الأحلام، وتبددت الآمال وسط صخب الانقسامات والصراعات على المصالح.
لم يعد 17 فبراير كما كان، لم يعد رمزًا للتحرر بقدر ما أصبح ذكرى للفجوة العميقة بين ما كان مأمولًا وما أصبح واقعًا. رحلت الوجوه التي هتفت يومًا للتغيير، بعضها غاب في زحمة الأحداث، وبعضها رحل عن الدنيا، وأخرى تغيرت مواقفها مع تبدل الأحوال. وكثير منهم استغلوا تلك اللحظة بشكل سلبي، محولين الأمل إلى خيبة، وزارعين الشك في نفوس الناس حول فكرة التغيير ذاتها. وأنا منهم... فقدت إيماني بذلك اليوم بعدما رأيت كيف تم استغلاله لتحقيق مصالح ضيقة، وكيف تحول الحلم الجماعي إلى كوابيس فردية من الألم والفقد.
اليوم، يمضي 17 فبراير كأي تاريخ آخر، ذكرى محملة بالأسئلة أكثر من الإجابات. تُروى دون شعور لأنها لم تعد تلامس الأمل الذي كان في البداية، بل أصبحت مجرد فصل من فصول حكاية طويلة، لم تكتمل نهايتها بعد. حكاية بلد لا يزال يبحث عن معنى لتاريخه ومستقبله.
ورغم كل ذلك، يبقى الأمل قائمًا. فالتغيير لا يقاس بيوم أو بتاريخ، بل بإرادة شعب يستمر في المحاولة رغم الصعاب. ربما لم يعد ذلك اليوم يستحق الاحتفال، لكنه قد يكون درسًا يُستلهم منه المستقبل. ما دام الإرادة حية، يمكن دائمًا إعادة بناء الحلم من جديد.