في ظل التحديات التي تواجه العديد من الدول العربية في توفير خدمات إنترنت ذات جودة عالية، تحتل ليبيا المرتبة الرابعة ضمن قائمة أسوأ خدمات الإنترنت في العالم العربي، وفقًا لـspeed test. يُعد هذا الوضع انعكاسًا لتراكم مشكلات تقنية وإدارية مرتبطة بالبنية التحتية والاحتكار الحكومي لقطاع الاتصالات. تعد سرعة الإنترنت أمرًا حيويًا للأشخاص ذوي الإعاقة، حيث يُسهم الاتصال السريع والمستقر في تعزيز استقلاليتهم وتمكينهم من استخدام تطبيقات الترجمة الصوتية، والحصول على الخدمات التعليمية والصحية عن بُعد، مما يتيح لهم فرصًا متساوية للاندماج في المجتمع. علاوة على ذلك، يُعتبر الوصول إلى الإنترنت حقًا أساسيًا يكفله اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، حيث تؤكد الاتفاقية على أهمية توفير التكنولوجيا المساعدة لضمان مشاركتهم الكاملة والفعالة في المجتمع على قدم المساواة مع الآخرين.
البنية التحتية القديمة والمحدودة
تعاني ليبيا من بنية تحتية متدهورة تتعلق بالاتصالات. يُلاحظ غياب الاستثمار في تحديث الشبكات والمعدات، حيث تعتمد البلاد على بنية تم تشييدها في حقب سابقة دون تحديثات جذرية. تؤدي هذه الظروف إلى بطء كبير في الإنترنت وانقطاعات متكررة، مما يؤثر سلبًا على تجربة المستخدمين ويعطل الأعمال.
احتكار الدولة وتأثيره السلبي
تتحكم الدولة الليبية بشكل شبه كامل في قطاع الاتصالات من خلال شركات "ليبيانا" و"المدار" و"ليبيا للاتصالات والتقنية". هذا الاحتكار يحد من فرص دخول منافسين جدد إلى السوق، مما يثبط الابتكار ويحرم المستخدمين من خيارات أفضل. علاوة على ذلك، تُتهم هذه الشركات بعدم الشفافية في توزيع الإيرادات وعدم توجيهها نحو تحسين الخدمات، بل تُركِّز على الجوانب الربحية فقط.
غياب السياسات التنظيمية الواضحة
تعاني ليبيا من نقص في السياسات التي تُلزم شركات الاتصالات بتحقيق معايير معينة للجودة أو ضمان وصول الإنترنت بأسعار معقولة للمواطنين. الهيئات الرقابية الحالية إما ضعيفة أو غائبة تمامًا، مما يُترك المجال لشركات الاتصالات للعمل دون رقابة حقيقية.
مقارنة سرعات الإنترنت في ليبيا والدول المجاورة (المصدر: speed test لعام 2024)
تحديات تقنية متزايدة
على الصعيد التقني، تعتمد ليبيا بشكل كبير على الأقمار الصناعية لتوفير خدمات الإنترنت، مما يُضاعف من التكلفة ويُقلل من جودة الاتصال. هذا الأمر يعود إلى تدمير بعض البنية التحتية أثناء النزاعات، مما جعل من الصعب إعادة تشغيل الكابلات الأرضية. علاوة على ذلك، تعاني البلاد من نقص حاد في استثمارات الألياف البصرية، التي تُعد اليوم معيارًا أساسيًا للاتصال السريع.
أثر الوضع على المواطن والاقتصاد
تتسبب خدمات الإنترنت السيئة في ليبيا في تأثيرات واسعة النطاق على الأفراد والاقتصاد. بالنسبة للمواطنين، تعيق السرعات البطيئة الوصول إلى التعليم الإلكتروني والخدمات الرقمية، بينما تُعرقل الشركات الناشئة أعمالها بسبب صعوبة الاعتماد على الإنترنت في العمليات اليومية. هذا الوضع يؤدي إلى تفاقم الفجوة الرقمية بين ليبيا والدول المجاورة، مما يُهدد بتأخير التنمية الشاملة.
يعد تحسين جودة الإنترنت في ليبيا أمرًا ضروريًا لمواكبة العصر الرقمي وتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية. هذا يشمل ضمان وصول الأشخاص ذوي الإعاقة إلى خدمات الإنترنت بسهولة، حيث يمكن أن يساهم الإنترنت عالي الجودة في تعزيز استقلاليتهم وتمكينهم من الوصول إلى التعليم والعمل والخدمات الصحية عن بُعد. إن اتخاذ خطوات جدية لمعالجة قضايا الاحتكار وضعف البنية التحتية سيسهم في تحسين حياة جميع المواطنين، بما في ذلك الأشخاص ذوي الإعاقة، ودفع عجلة الاقتصاد. يجب أن تُعامل خدمات الإنترنت كجزء أساسي من البنية التحتية للدولة، وليست مجرد خدمة إضافية.
أمثلة ناجحة من دول العالم
على الصعيد العالمي، قدمت العديد من الدول نماذج ناجحة في استخدام الإنترنت لتحسين حياة الأشخاص ذوي الإعاقة:
- الولايات المتحدة الأمريكية: أطلقت مبادرة "UnidosUS" التي تهدف إلى تحسين الوصول إلى الإنترنت والتكنولوجيا للأشخاص ذوي الإعاقة، مما يساعدهم على الاستفادة من منصات التعلم الإلكتروني وفرص التوظيف عن بُعد.
- ألمانيا: تعتمد تقنيات ذكية مثل "BlindSquare"، وهو تطبيق يعتمد على GPS لتوجيه الأشخاص المكفوفين عبر المدن باستخدام أوامر صوتية.
- اليابان: توفر شبكات إنترنت متقدمة لدعم تقنيات الروبوتات المساعدة للأشخاص ذوي الإعاقة الحركية، مما يسهل حياتهم اليومية ويعزز استقلاليتهم.
- الهند: طورت برامج للتعليم الإلكتروني تستهدف الأشخاص ذوي الإعاقة، مما يضمن لهم حق الوصول إلى التعليم من أي مكان.
هذه الأمثلة تؤكد أن توفير بنية تحتية متطورة للإنترنت يمكن أن يُحدث تغييرًا جذريًا في حياة الأشخاص ذوي الإعاقة، ويمهد الطريق لدمجهم بشكل أفضل في المجتمع.
ضعف سرعة الإنترنت في ليبيا يُعيق وصول الأشخاص ذوي الإعاقة إلى تطبيقات المساعدة الرقمية مثل برمجيات قراءة الشاشة وتطبيقات التعلم عن بُعد. هذا الوضع يعزز الفجوة الرقمية بين ليبيا والدول المجاورة، ويُقوض الجهود الرامية إلى تعزيز المشاركة الاجتماعية والاقتصادية للأشخاص ذوي الإعاقة.