ليبيا... وطن في دوامة الفوضى والحنين


لطالما كانت ليبيا جزءًا من أحلامنا، الأرض التي حلمنا أن تبنى عليها قيم العدل والكرامة بعد ما سُمي بثورة 2011. كنت من الذين أطلقوا عليها اسم "ثورة"، وكنت فخورًا بما اعتقدت أنه بداية تغيير حقيقي، لكنها مع مرور الوقت أضحت سؤالاً في داخلي: هل كانت فعلاً ثورة أم مجرد تغيير عابر؟

للأسف، الإجابة التي تفرض نفسها أمام الواقع هي أن لا شيء تغير سوى المزيد من الفوضى. الفوضى الأمنية أصبحت جزءًا من حياتنا اليومية، ونهب المال العام بات قاعدة لا استثناء، في ظل غياب أي رؤية حقيقية للإصلاح. ومع اقترابنا من عام 2025، ما زالت ليبيا تعيش في ظلام الانقسام والصراعات العبثية التي أفقدت الوطن معناه الحقيقي.

بلدنا أصبحت بدون سيادة، بلا هوية وطنية تُجمِع شتات أبنائها. ما عندناش شخصيات وطنية تقدر تشعر بها أن الوطن أمانة في قلوبها. كل ما نظن أن شخصًا أو حزبًا قد يمثل الوطن، نكتشف أنه مجرد انتهازي يُراوغ لمصلحته الشخصية. الأحزاب التي من المفترض أن تكون صوت الشعب أصبحت بلا تأثير على الأرض، والقيادات عاجزة عن تقديم أي حلول واقعية.

كما قال تشي جيفارا: "إن الثورة هي شيء تحمله في الروح، وليس على الشفاه لتعيش منها."، وهذا ما رأيناه في واقعنا. الخيانة والانتهازية أصبحتا هما الحاكمتان، وأحلام الليبيين في وطن آمن ومستقر أصبحت مجرد ذكرى مؤلمة.


ورغم كل هذا السواد، تبقى هناك شمعة أمل صغيرة. أنا شخصيًا أعيش خارج ليبيا، بعيدًا عن أرضها ولكن ليس عن همومها. الوطن لم يغادرني لحظة، وكلما حاولت أن أبتعد عن أخباره وأقنع نفسي بالنسيان، أجد الحنين يشدني إليه. الحنين للوطن ليس فقط للمكان، بل للحلم الذي كبرنا معه، الحلم بليبيا التي تكون لكل الليبيين.

أتمنى من أعماق قلبي أن نرى قريبًا مبادرة وطنية صادقة، تقودها قلوب مخلصة تريد إنقاذ البلاد من هذا المأزق. مبادرة تعيد للوطن هيبته وللشعب كرامته. ربما هذا الحلم يبدو بعيدًا، لكننا نحتاج أن نؤمن به، لأن الوطن يستحق أن نحلم به مهما طال الظلام.

ليبيا ليست مجرد جغرافيا، هي حنين في القلب ووجع في الروح، وأمل لم يكتب له أن يموت.


أحدث أقدم

 

نموذج الاتصال