تُعد دورة الألعاب الأولمبية للصم حدثًا مهمًا ثقافيًا في التقويم الرياضي العالمي، حيث يتم الاحتفاء بالإنجازات الرياضية للأشخاص الصم، ويتمكنون من التنافس في بيئة رياضية متماثلة. ومع ذلك، بالرغم من الأهمية الثقافية لهذا الحدث والاعتراف به في المجتمع الرياضي، لا يزال الرياضيون يواجهون العديد من التحديات، على رأسها ضرورة تمويل أنفسهم للمشاركة. ومن بين هؤلاء، هناك كريس راتكليف، المدير التنفيذي لمؤسسة الرياضة للصم في المملكة المتحدة، الذي يتحدث عن تجربته الشخصية في هذا السياق كرياضي سابق، حيث كان جزءًا من دورة الألعاب الأولمبية للصم ومشاركًا في كأس العالم للرجبي للصم في عام 2002 مع ويلز.
تاريخ طويل وغني
بدأت دورة الألعاب الأولمبية للصم في باريس عام 1924، بمشاركة تسع دول من بينها المملكة المتحدة، حيث تم التنافس في الرياضات مثل السباحة وألعاب القوى وكرة القدم. اليوم، تُعقد الدورة كل أربع سنوات، ومع اقتراب الذكرى المئوية لها، تستعد دورة الألعاب الأولمبية للصم للاحتفال بتاريخها العريق وإنجازات الرياضيين الصم على مستوى العالم. ستُعقد الدورة القادمة، وهي الدورة الحادية والخمسون، في طوكيو عام 2025، حيث تأمل مؤسسة الرياضة للصم في المملكة المتحدة إرسال فريق مكون من 115 رياضيًا في عدة رياضات، مثل السباحة وألعاب القوى وكرة القدم.
على الرغم من تاريخها الطويل وأهميتها، تفتقر دورة الألعاب الأولمبية للصم إلى ميزة رئيسية تتمتع بها الأولمبياد ودورة الألعاب البارالمبية: التمويل. فعلى عكس الرياضيين البارالمبيين الذين يتلقون الدعم من منظمات مثل "رياضة المملكة المتحدة"، يجب على الرياضيين المشاركين في دورة الألعاب الأولمبية للصم الاعتماد بشكل كبير على الرعاة وتمويلهم الذاتي للمشاركة. وفقًا لما ذكره راتكليف، فإن العبء المالي الذي يواجهه الرياضيون قد يصل إلى 4000 جنيه إسترليني، وهو مبلغ كبير بالنسبة لأولئك الذين يتعاملون بالفعل مع التعليم بدوام كامل أو العمل بدوام كامل بينما يتدربون للمشاركة في هذه البطولات الكبرى.
تحديات التمويل
راتكليف، الذي مثل المملكة المتحدة في دورة الألعاب الأولمبية للصم وفاز أيضًا بكأس العالم للرجبي للصم في عام 2002 مع ويلز، يسلط الضوء على الحواجز المالية التي يواجهها العديد من الرياضيين. ويؤكد أن هؤلاء الرياضيين يتعين عليهم التوفيق بين متطلبات رياضتهم وضرورة دعم أنفسهم ماليًا، مما يجعل المشاركة في دورة الألعاب الأولمبية للصم تحديًا أكبر. "إنها تحدٍ كبير"، كما يقول راتكليف، مؤكدًا على التزام الرياضيين الذي يتطلب منهم "الاعتماد على الرعاية والتمويل من العائلة والأصدقاء" لتغطية احتياجاتهم المالية.
في حين أن وزارة الثقافة والإعلام والرياضة في المملكة المتحدة تقدم تمويلًا من خلال "رياضة إنجلترا"، لا يوجد دعم مباشر من "رياضة المملكة المتحدة" للرياضيين الذين يشاركون في دورة الألعاب الأولمبية للصم، حيث أن اختصاصها يقتصر على الأولمبياد والبارالمبياد فقط. وهذا يترك الرياضيين في مواجهة تحديات تمويل إضافية، مما يسلط الضوء على التفاوت بين الرياضات السائدة ورياضات الصم.
قالت وزارة الثقافة والإعلام والرياضة إن هيئة الرياضة في إنجلترا تقدم حاليًا 1.27 مليون جنيه إسترليني لتمويل رياضة الصم في المملكة المتحدة حتى عام 2027. ومع ذلك، لا تمول الحكومة الرياضيين المتنافسين في الألعاب الأولمبية للصم بشكل مباشر عبر هيئة الرياضة في المملكة المتحدة حيث أن اختصاصها يقتصر على الرياضيين الأولمبيين والبارالمبيين فقط.
إزالة الحواجز
إلى جانب التحديات المالية، يواجه الرياضيون الصم حواجز اجتماعية تجعل المشاركة في الرياضات صعبة. ويعد التواصل، وهو عنصر حيوي في معظم الرياضات، من العوائق الكبيرة للأشخاص الصم. يشير راتكليف إلى أن العديد من الأشخاص الصم يعانون من العزلة عن المجتمع السائد بسبب صعوبة التواصل، مما يزيد من تعقيد مشاركتهم في الأنشطة الرياضية. هذه العزلة يمكن أن تمنع الأطفال الصم من المشاركة في الرياضة، حيث أشار راتكليف إلى أن "الأطفال الصم أكثر عرضة للكسل البدني بمقدار الضعف مقارنة بالأطفال السامين في مثل سنهم".
إن نقص التواصل السهل يمكن أن يسبب شعورًا بعدم الراحة في بيئات الرياضة، حيث يشعر العديد من الأطفال الصم بأنهم لا يفهمون ما يجري أو أنهم لا يشعرون بالراحة في هذه الأماكن. يركز راتكليف على أهمية تجاوز هذه الحواجز من خلال خلق بيئات شاملة يمكن أن يتطور فيها الأفراد الصم. "هناك العديد من الحواجز فيما يتعلق بالتواصل"، كما يقول، مشيرًا إلى ضرورة تغيير كيفية التعامل مع الرياضة والتواصل مع مجتمع الصم.
زيادة الوعي وإلهام الأجيال القادمة
أحد الأهداف الرئيسية لراتكليف بصفته المدير التنفيذي لمؤسسة الرياضة للصم في المملكة المتحدة هو زيادة الوعي بالرياضات الصماء وتوفير المزيد من الفرص للأفراد الصم للمشاركة في الرياضة. يتضمن هذا الجهد تجاوز الحواجز الاجتماعية والثقافية التي تمنع الكثيرين من المشاركة. حملته "وجهة الألعاب الأولمبية للصم" تهدف إلى زيادة الوعي حول هذا الحدث وإلهام الأجيال الشابة للمشاركة فيه. على الرغم من قلة التغطية الإعلامية في السنوات السابقة، يخطط راتكليف لاستخدام منصات التواصل الاجتماعي للوصول إلى الجمهور الأصغر سنًا، من خلال مشاركة مقاطع قصيرة وأبرز اللحظات من الألعاب. يأمل أن يسهم هذا في زيادة الاهتمام بالحدث وإلهام المزيد من الأطفال الصم لممارسة الرياضة.
بالإضافة إلى الترويج للحدث، يتصور راتكليف مزيدًا من المشاركة من قبل الرياضيين في الألعاب الأولمبية للصم في المدارس للتفاعل المباشر مع الأطفال الصم وإلهامهم للوصول إلى إمكانياتهم. الهدف ليس فقط الاحتفال بالألعاب الأولمبية للصم كحدث رياضي، ولكن أيضًا خلق إرث دائم من خلال تشجيع الجيل القادم من الرياضيين الصم.
تعد دورة الألعاب الأولمبية للصم حدثًا رياضيًا مرموقًا وأيضًا احتفالًا بالثقافة والإنجازات الصماء. ومع ذلك، فإن التحديات التي يواجهها الرياضيون، من الأعباء المالية إلى الحواجز في التواصل، تبرز الحاجة إلى مزيد من الدعم والوعي. ومع اقتراب الذكرى المئوية لهذا الحدث، توفر دورة الألعاب الأولمبية للصم فرصة للتأمل في تاريخها والعمل نحو مستقبل أكثر شمولًا. من خلال زيادة الوعي، وتوفير الفرص، وإلهام الرياضيين الشبان، هناك أمل في أن يحصل الجيل القادم من الرياضيين الصم على الدعم والاعتراف الذي يستحقونه.