مرافق رياضية لذوي الإعاقة في ليبيا: خطوة غائبة في ظل التطويرات الكبرى
في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة الليبية إلى تطوير البنية التحتية الرياضية وإعادة الحياة إلى المنشآت الكبرى، مثل ملعب بنغازي الدولي وملعب مصراتة الدولي وملعب طرابلس الدولي، يظل السؤال الأبرز حاضرًا: أين هي المرافق الرياضية التي تلبي احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة؟
إنجازات ملحوظة ولكن ناقصة
مع اقتراب موعد افتتاح ملعب بنغازي الدولي بسعة 45 ألف متفرج بعد سنوات من التوقف، والانتهاء من أعمال الصيانة في ملعب طرابلس الدولي الذي يُعد من أقدم المنشآت الرياضية في البلاد، وتوسعة ملعب مصراتة الدولي لتوفير تجربة جماهيرية أكثر شمولية، يبدو أن الاهتمام يتركز على تطوير الملاعب لتلبية احتياجات عشاق كرة القدم.
ولكن في خضم هذا الزخم، يغيب الحديث عن إدماج الأشخاص ذوي الإعاقة في هذه التطويرات، سواء كمشاركين أو كمشجعين. هذا التجاهل يعد انتهاكًا لحقوق شريحة كبيرة من المجتمع، خصوصًا أن ليبيا صادقت عام 2018 على اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، التي تضمن حقهم في المشاركة المتساوية في الفعاليات الرياضية.
واقع الإهمال
تفتقر الملاعب الليبية، حتى تلك التي تخضع للتطوير حاليًا، إلى بنية تحتية تُسهّل الوصول للأشخاص ذوي الإعاقة. على سبيل المثال:
- ملعب طرابلس الدولي، الذي خضع لأعمال صيانة شاملة استعدادًا لاستضافة المباريات الدولية، لم تُعلن أي تفاصيل عن توفير ممرات مخصصة للكراسي المتحركة أو مصاعد تتيح الوصول للمرافق المختلفة.
- ملعب بنغازي الدولي، رغم ضخامة المشروع وسعته الجديدة، لم تُذكر أي تجهيزات خاصة لذوي الإعاقة ضمن خطط التطوير.
- ملعب مصراتة الدولي، الذي يشهد توسعات كبرى، يبدو أيضًا بعيدًا عن تطبيق معايير شمولية تراعي حقوق الجميع.
- هذا الإهمال يثير تساؤلات حقيقية حول أولويات المسؤولين. ففي الوقت الذي يتم فيه تخصيص ميزانيات ضخمة لهذه المشاريع، يتم تجاهل تجهيز هذه المنشآت لتكون شاملة وعادلة للجميع.
لماذا تغيب المرافق الخاصة بذوي الإعاقة؟
هذا النقص يعكس ضعفًا في التخطيط، وعدم الالتزام بالاتفاقيات الدولية، وغياب الرقابة لضمان تنفيذ مشروعات تراعي احتياجات كافة الفئات. بالإضافة إلى ذلك، يُظهر تقصيرًا واضحًا من قبل المسؤولين عن الرياضة في ليبيا في الضغط لتنفيذ هذه الإصلاحات.
خطوات نحو الشمولية
يمكن معالجة هذا الإهمال باتخاذ خطوات بسيطة ومؤثرة، منها:
- إضافة البنية التحتية الضرورية: مثل ممرات مخصصة للكراسي المتحركة، مصاعد، ومرافق صحية مجهزة.
- توفير مقاعد مخصصة: في أماكن استراتيجية تُتيح للأشخاص ذوي الإعاقة الاستمتاع بالمباريات.
- تطوير وسائل الإرشاد البصري والسمعي: لتلبية احتياجات ضعاف البصر والسمع.
- تدريب الطواقم: للتعامل بفعالية مع الأشخاص ذوي الإعاقة وتقديم الدعم اللازم.
التزامات دولية ومجتمعية
تطوير الملاعب لا يجب أن يقتصر على الشكل الجمالي أو القدرة الاستيعابية، بل يجب أن يُركّز على جعلها شاملة لجميع أفراد المجتمع. وفقًا لاتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، فإن الدول الموقّعة ملزمة بضمان مشاركة الجميع في الأنشطة الرياضية دون أي تمييز. هذا لا يعني فقط تسهيل الوصول للملاعب، بل أيضًا دعم الرياضيين من ذوي الإعاقة من خلال إنشاء مرافق رياضية مخصصة لهم.
دعوة للتغيير
بينما تنشغل ليبيا بتطوير ملاعبها الكبرى، يبقى الأمل في أن تتغير الأولويات لتشمل جميع أفراد المجتمع. فالرياضة ليست مجرد لعبة أو ترفيه، بل هي وسيلة للاندماج وبناء الجسور بين الأفراد.
يبقى السؤال: هل ستكون ليبيا قادرة على اغتنام هذه الفرصة لتصبح أكثر شمولية وعدالة؟ أم سيظل ذوو الإعاقة ينتظرون حقهم في مرافق رياضية تلبي احتياجاتهم؟
الوقت فقط سيكشف، ولكن من الضروري أن تستجيب الجهات المسؤولة سريعًا لضمان مستقبل رياضي عادل وشامل للجميع.