اجتماع الخبراء المعنيين بالإعاقة التاسع: غياب التغيير الملموس والمشكلة الأساسية

 

من خلال تحليل مخرجات الاجتماع السنوي التاسع لفريق الخبراء المعني بالإعاقة التابع للإسكوا، يتضح أن هناك استمرارًا في الحديث عن التحديات والحلول المقترحة، ولكن مع الأسف، لم يُلاحظ أي تغيير ملموس على أرض الواقع. رغم الجهود المبذولة في الاجتماعات المختلفة، والتوصيات التي تم وضعها، إلا أن الوضع في الدول العربية لم يتغير بشكل ملحوظ في ما يتعلق بحياة الأشخاص ذوي الإعاقة، وتظل المشاكل قائمة كما هي، مما يعكس خللًا في تنفيذ السياسات والإستراتيجيات المتبعة.





المشكلة الرئيسية: غياب الإرادة الحقيقية والتحديات في التنفيذ

من الواضح أن المشكلة لا تكمن في نقص التوصيات أو المبادرات التي يتم طرحها في مثل هذه الاجتماعات، بل في غياب الإرادة السياسية والتنفيذ الفعلي لهذه التوصيات. كثير من الدول العربية، بما في ذلك ليبيا، تواصل تجاهل حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة أو تقوم بتطبيق سياسات جزئية لا تؤدي إلى تغييرات جوهرية في حياتهم.ورغم الاتفاقات التي تتم في الاجتماعات الرسمية حول المبادئ الأساسية المتعلقة بالحقوق والتكافؤ، فإن الواقع يكشف أن هذه الاتفاقات لا تُترجم إلى أفعال ملموسة. ففي العديد من الدول العربية، يُحسن الجميع الحديث عن تعزيز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وتقديم التوصيات التي تهدف إلى تحسين ظروفهم، ولكن الحقيقة تبقى أن هذه الإجراءات غالبًا ما تظل حبيسة الأوراق، ولا تجد طريقها إلى التطبيق الفعلي على الأرض.

في حالة ليبيا، مثلًا، على الرغم من الجهود المبذولة على مستوى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، ما زالت هناك فجوة كبيرة بين ما يُناقش في الاجتماعات الدولية والتطبيق المحلي لهذه السياسات. لا تزال قضايا مثل الوصول إلى التعليم، وحقوق العمل، والتكامل المجتمعي غائبة عن تنفيذ السياسات بشكل فعلي، مما يؤدي إلى تهميش مستمر للأشخاص ذوي الإعاقة في المجتمع.

غياب الكفاءات اللازمة: الحاجة إلى إرادة قوية في هذا المجال

لا شك أن وجود كفاءات متخصصة في قضايا الإعاقة يعد أمرًا بالغ الأهمية لتحقيق التغيير. فعلى الرغم من وجود محاولات لتفعيل المجالس المعنية والإعلان عن برامج لدعم الأشخاص ذوي الإعاقة، فإن هناك نقصًا واضحًا في الكفاءات والخبرات التي تضمن تطبيق السياسات بشكل فعال. إن تطوير بنية تحتية دامجة، وتعليم شامل، وبرامج توظيف، لا يمكن أن يتحقق دون وجود إدارة قادرة على تنفيذ هذه المشاريع بفعالية، وهو ما يبدو مفقودًا في العديد من الدول العربية.

الإرادة الحقيقية: العامل الأساسي لتحقيق التغيير

المشكلة الأكبر تكمن في عدم وجود إرادة حقيقية لتغيير الواقع. الكثير من الحكومات تضع قضايا الإعاقة على أجندتها بشكل روتيني دون أن توليها العناية الكافية من حيث الموارد والتخطيط الطويل الأمد. من الضروري أن تتحمل الحكومات المسؤولية وأن تتوقف عن استخدام قضايا الإعاقة كموضوعات للمناسبات الرسمية فقط، بل يجب أن تكون جزءًا أساسيًا من استراتيجيات التنمية الوطنية.

دعوة للعمل: أهمية التزام الحكومات والمجتمعات

إذا أردنا أن نرى تغيرًا ملموسًا في حياة الأشخاص ذوي الإعاقة في العالم العربي، يجب أن يكون هناك التزام حقيقي من الحكومات لتخصيص الموارد اللازمة، وتوفير الكفاءات المتخصصة، ووضع خطط تنفيذية قابلة للتنفيذ. كما يجب أن يكون هناك شراكة حقيقية بين الحكومات والمجتمعات المدنية، بما في ذلك الأشخاص ذوي الإعاقة أنفسهم، الذين يجب أن يكونوا جزءًا من عمليات صنع القرار.

 ضرورة الإرادة والتطبيق العملي

إن الحديث عن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وتبادل الخبرات في الاجتماعات الرسمية لن يكون كافيًا إذا لم يُترجم إلى نتائج حقيقية. يحتاج العالم العربي إلى إرادة سياسية حقيقية، واهتمام أكبر بكفاءات تنفيذ السياسات المخصصة، حتى نتمكن من جسر الفجوة بين ما يتم الحديث عنه في الاجتماعات مثل اجتماع الخبراء المعنيين بالإعاقة التاسع، وما يُنفذ فعليًا على الأرض.

أحدث أقدم

 

نموذج الاتصال