أثناء تصفحي لموقع "إكس" للتواصل الاجتماعي، لفت انتباهي موضوع عن جائزة "تحدي البناء دون حواجز" التي تقدمها مؤسسة ريك هانسن (RHF) في كندا. تساءلت: لماذا لا تُطبق مثل هذه المبادرات في ليبيا؟ حيث أن مثل هذه الأفكار تساهم في تحسين البيئة العمرانية وتعزيز إمكانية الوصول للأشخاص ذوي الإعاقة. بناءً على هذه الفكرة، قررت الكتابة عن هذه المبادرة وكيف يمكن أن نستلهم منها لتطبيقها في بلادنا.
جائزة تحدي البناء دون حواجز
في 25 سبتمبر 2023، تم الإعلان عن الفائزين بجائزة "تحدي البناء دون حواجز" لعام 2023-24 خلال حفل توزيع الجوائز الوطني في فانكوفر، كندا. ضمت قائمة الفائزين مؤسسات بارزة مثل GWL Realty Advisors، Cadillac Fairview، Choice Properties، جامعة كارلتون، وFirst West Credit Union. هذه المؤسسات حققت معايير عالية في تسهيل الوصول والشمولية في منشآتها، مما يعكس رغبتها القوية في تحسين مستوى إمكانية الوصول للأشخاص ذوي الإعاقة.
وأشادت سارة مكارثي، نائب الرئيس للمبادرات الاستراتيجية في مؤسسة ريك هانسن، بالتزام المؤسسات الفائزة بكونها قادة في مجال الشمولية، مؤكدة أن هذه المبادرات يمكن أن تلهم الآخرين من أصحاب العقارات والمطورين لتبني نفس المعايير.
فئات الجوائز
توزعت الجوائز على عدة فئات، من بينها:
جائزة الالتزام: حصلت عليها كل من Cadillac Fairview، Choice Properties، وGWL Realty Advisors، لتفوقها في عدد المباني التي تم تصنيفها وفقًا لمعايير RHFAC.
جائزة الابتكار: مُنحت لجامعة كارلتون عن مكتبة "MacOdrum" التي حققت أعلى نقاط في الابتكار في تصنيف RHFAC.
جائزة التقدم في الوصول: فازت بها First West Credit Union عن مكتبها الإقليمي في بينتيكتون، بفضل التحسينات التي أجرتها لزيادة إمكانية الوصول.
معايير Rick Hansen Foundation Accessibility Certification (RHFAC)
تعتمد RHFAC على نظام تصنيف يقيس مدى إمكانية الوصول في المباني من منظور الأفراد ذوي الإعاقة، ويشمل هذا التقييم جوانب متعددة مثل:
سهولة الوصول إلى المداخل والمخارج: بما في ذلك توفير منحدرات وأبواب أوتوماتيكية للأشخاص الذين يستخدمون الكراسي المتحركة.
المسارات الداخلية: تقييم مدى توفر ممرات ومساحات واسعة داخل المباني تسهل التنقل.
الحمامات المجهزة: التأكد من وجود حمامات مهيأة للأشخاص ذوي الإعاقة.
مواقف السيارات المخصصة: تقييم توفير مواقف قريبة وسهلة الوصول.
الإشارات والإضاءة: التأكد من وضوح اللافتات والإضاءة المناسبة لتسهيل التنقل للأشخاص ضعيفي البصر.
من هوا ريك هانسن
وُلد ريك هانسن في 26 أغسطس 1957 في بورت ألبيرني، كولومبيا البريطانية، ونشأ في عدة مناطق فيها. في 27 يونيو 1973، تعرض لحادث سيارة أُصيب خلاله في الحبل الشوكي، مما أدى إلى شلل من الخصر إلى الأسفل. بعد الحادث، شجعه مدرب الكرة الطائرة على الانخراط في رياضات الكراسي المتحركة، حيث انضم إلى فريق Vancouver Cable Cars.
في عام 1976، أصبح أول شخص ذو إعاقة جسدية يتخرج بدرجة في التربية البدنية من جامعة كولومبيا البريطانية. بين عامي 1979 و1984، حقق 19 ماراثون على الكرسي المتحرك وثلاثة ألقاب عالمية، بالإضافة إلى 15 ميدالية.
في 21 مارس 1985، انطلقت جولة "الرجل المتحرك" حول العالم لزيادة الوعي حول إمكانية الوصول، وجمعت 26 مليون دولار لأبحاث الحبل الشوكي. تأسست مؤسسة ريك هانسن في 1988 لدعم حياة الأشخاص ذوي الإعاقة، وفي فبراير 2017، أُطلق برنامج RHFAC لتصنيف المباني المهيأة للوصول وتعزيز الشمولية في المجتمع.
كما قال ريك هانسن: "أؤمن حقاً أن أفضل أعمالي أمامي، وليس خلفي. يدفعني شغف عميق وحاجة لصنع فرق وترك هذا العالم أفضل قليلاً مما كان عليه عندما جئت. هذا هو ما يدفعني للاستمرار."
ماذا عن ليبيا؟
في ليبيا، يعتبر موضوع الشمولية وإمكانية الوصول لذوي الإعاقة قضية حيوية، ولكنها للأسف غالباً ما تُهمل في التخطيط العمراني. في كثير من المدن الليبية، نلاحظ نقصاً كبيراً في المرافق التي تراعي احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة. على سبيل المثال، المباني العامة، المدارس، والمستشفيات نادراً ما تحتوي على مداخل مهيأة أو مصاعد تتناسب مع احتياجات مستخدمي الكراسي المتحركة.
تبني معايير مثل RHFAC في ليبيا يمكن أن يكون خطوة محورية نحو تحسين بيئة الحياة للأشخاص ذوي الإعاقة. إذا قامت الحكومة الليبية والمؤسسات الخاصة بتطبيق مثل هذه المعايير، سيؤدي ذلك إلى توفير بيئة أكثر شمولية تمكن الجميع من المشاركة في الحياة الاجتماعية والاقتصادية بشكل أفضل.
فوائد تطبيق هذه المعايير في ليبيا
تعزيز الشمولية: تحسين إمكانية الوصول للأشخاص ذوي الإعاقة سيجعلهم يشعرون بأنهم جزء لا يتجزأ من المجتمع، مما يعزز مشاركتهم في الأنشطة اليومية والعمل والتعليم.
تحسين البنية التحتية: تطبيق هذه المعايير سيحفز تطوير المباني العامة والخاصة لتكون أكثر ملاءمة للجميع.
رفع الوعي المجتمعي: من خلال إطلاق حملات توعوية وبرامج تدريبية حول أهمية الوصول الشامل، يمكننا تغيير النظرة المجتمعية تجاه قضايا الإعاقة.
الخطوات المقترحة
يمكن أن تبدأ المؤسسات الحكومية بالتعاون مع شركات التطوير العقاري في ليبيا بتبني فكرة "تحدي البناء دون حواجز" من خلال تصنيف المباني وفقًا لمعايير الوصول والشمولية. كذلك، يمكننا تشجيع المهندسين والمخططين العمرانيين على إدماج معايير الوصول في تصميماتهم المستقبلية.
بالتالي، من الضروري أن نفكر في كيفية تطوير المدن الليبية لتكون أكثر ملاءمة وشمولية للجميع، بما في ذلك الأشخاص ذوي الإعاقة، الذين يحق لهم أن يعيشوا حياة كريمة ومستقلة مثل أي فرد آخر في المجتمع.