في ختام الحدث رفيع المستوى المنعقد في العاصمة طرابلس، خرج وزراء الشؤون الاجتماعية العرب بـ"بيان طرابلس" الذي يهدف إلى دعم حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة خلال فترات الأوبئة والأزمات. ورغم أهمية هذا البيان وما يحمله من خطوات إيجابية، إلا أنه لا يخلو من بعض النواقص التي قد تحد من شموليته وقدرته على تلبية الاحتياجات الحقيقية لهذه الفئة.
التمكين الاقتصادي وخلق فرص العمل
من أبرز الجوانب التي لم يتناولها البيان بشكل كافٍ هو التمكين الاقتصادي للأشخاص ذوي الإعاقة. يواجه هؤلاء الأفراد تحديات كبيرة في سوق العمل، خاصة في ظل الأزمات، مما يتطلب برامج توظيف وتدريب مهنية مخصصة تضمن دمجهم في الحياة الاقتصادية. الاستقلال الاقتصادي ليس مجرد هدف بل وسيلة لتحقيق كرامة وحرية أكثر لهذه الفئة.
التكنولوجيا المساعدة والتحول الرقمي
في عالمنا المتسارع نحو الرقمنة، لم يركز البيان بما يكفي على أهمية التكنولوجيا المساعدة التي تُعد أداة ضرورية لتحسين جودة الحياة لذوي الإعاقة. سواء من خلال التعليم عن بُعد أو الوصول إلى الخدمات الصحية والاجتماعية عبر الإنترنت، فإن توفير الأجهزة الرقمية والتطبيقات المخصصة لاحتياجات ذوي الإعاقة يُعد ضرورة ملحة لضمان استمرارية حياتهم اليومية خلال الأزمات.
الدعم النفسي والاجتماعي
يعد الدعم النفسي غائباً عن البيان رغم أهميته الكبرى، خصوصاً في الأوقات الصعبة كالأوبئة. الأشخاص ذوو الإعاقة يعانون من ضغوط نفسية واجتماعية إضافية تتطلب تقديم خدمات نفسية متخصصة تساعدهم على تجاوز هذه التحديات. الصحة النفسية لا تقل أهمية عن الصحة الجسدية ويجب أن تكون جزءاً من أي استراتيجية لدعم ذوي الإعاقة.
دور الرياضة في تحسين حياة ذوي الإعاقة
أحد الجوانب التي أهملها البيان هو دور الرياضة في حياة ذوي الإعاقة. فالرياضة لا تقتصر على تعزيز اللياقة البدنية فقط، بل تسهم في تحسين الصحة النفسية وتعزيز الثقة بالنفس والاندماج الاجتماعي. كما أنها توفر فرصاً للتواصل والمنافسة، ما يجعل تطوير بنية تحتية رياضية ملائمة لهذه الفئة أمراً بالغ الأهمية.
مشاركة ذوي الإعاقة في صنع القرار
رغم الاهتمام بالحقوق القانونية للأشخاص ذوي الإعاقة، إلا أن البيان لم يتطرق إلى ضرورة إشراكهم في اتخاذ القرارات المتعلقة بهم. تواجدهم في المناصب القيادية والهيئات السياسية هو ضمانة لتحقيق حقوقهم بطريقة تعكس احتياجاتهم الحقيقية وتجعل صوتهم مسموعاً في صنع السياسات.
إدارة الأزمات والكوارث
من الثغرات الواضحة في البيان غياب خطة شاملة لإدارة الأزمات والكوارث تأخذ في الحسبان احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة. خلال الكوارث، سواء كانت طبيعية أو صحية، يكون ذوو الإعاقة أكثر عرضة للخطر، لذا من الضروري وضع استراتيجيات طوارئ تستجيب لمتطلباتهم الخاصة، مثل الإخلاء الآمن وتوفير الرعاية الطبية الملائمة.
التثقيف المجتمعي ومكافحة التمييز
التوعية المجتمعية لا تقل أهمية عن التشريعات، فبدون التثقيف المجتمعي حول حقوق ذوي الإعاقة ومساهماتهم في المجتمع، قد تستمر الصور النمطية والتمييز ضدهم. تعزيز حملات التوعية والتثقيف سيسهم في بناء مجتمع أكثر اندماجاً ومساواة.
التمويل المستدام وجمع البيانات
أخيراً، لضمان استمرارية البرامج والخدمات، يحتاج الأمر إلى تمويل مستدام ودعم طويل الأجل من الحكومات والمنظمات. كما أن جمع البيانات الدقيقة حول الأشخاص ذوي الإعاقة يُعد خطوة مهمة لتحديد احتياجاتهم الحقيقية وضمان تصميم برامج تلبي هذه الاحتياجات بشكل فعال.
"بيان طرابلس" خطوة مهمة نحو تعزيز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، لكنه يبقى ناقصاً في بعض الجوانب الأساسية. إضافة عناصر مثل التمكين الاقتصادي، التكنولوجيا المساعدة، الدعم النفسي، الرياضة، وإدارة الأزمات يمكن أن يجعله أكثر شمولية وفعالية. علينا أن ندرك أن الأشخاص ذوي الإعاقة هم جزء لا يتجزأ من المجتمع، ويجب أن تكون السياسات مصممة بحيث تراعي كل جوانب حياتهم، وخاصة في الأوقات الصعبة.