شاركت ليبيا لأول مرة في الألعاب البارالمبية رسميًا في دورة أتلانتا الصيفية عام 1996، حيث أرسلت أربعة رياضيين للتنافس في رفعات القوة . ومع ذلك، كانت هناك محاولة سابقة للمشاركة في دورة سيول عام 1988، حيث أرسلت ليبيا بعثة، لكنها وصلت متأخرة ولم تُحسب مشاركتها الرسمية في تلك الدورة. منذ عام 1996، تواجدت ليبيا في جميع دورات الألعاب البارالمبية الصيفية، ولكن مشاركتها اقتصرت على عدد محدود من الرياضيين، وكانت النتائج دون المستوى المأمول. في الواقع، لم تحقق ليبيا سوى ميدالية واحدة فقط في تاريخ مشاركاتها البارالمبية، حيث نال عبد الرحيم الزوي الميدالية البرونزية في رفعات القوة خلال دورة سيدني عام 2000.
فازت ليبيا بميداليتها الأولى والتي تُعدّ حتى الآن الوحيدة في الألعاب البارالمبية عندما حصل عبد الرحيم الزوي على الميدالية البرونزية في رفع الأثقال لوزن فوق 100 كجم في عام 2000، حيث رفع 235 كيلوجراماً
أسباب ضعف الأداء الرياضي
1. نقص الدعم الحكومي والموارد المالية
تعاني الرياضة البارالمبية في ليبيا من نقص شديد في الدعم المالي من قبل الحكومة. تطوير الرياضيين من الأشخاص ذوي الإعاقة يحتاج إلى استثمارات كبيرة في البنية التحتية، التدريب، والتأهيل المستمر. ومع عدم تخصيص ميزانيات كافية لهذا القطاع، يجد الرياضيون الليبيون أنفسهم في موقف صعب للمنافسة على مستوى عالمي.
2. غياب التخطيط والإدارة الرياضية الفعالة
الإدارة الرياضية في ليبيا تعاني من ضعف في التخطيط الاستراتيجي وعدم وجود برامج طويلة الأمد لتطوير الرياضة البارالمبية. فالتخطيط الناجح يتطلب استمرارية في السياسات وتحديد أهداف واضحة للنهوض بالرياضة، وهو ما تفتقده ليبيا بسبب الأزمات المتعاقبة. كما أن غياب برامج اكتشاف المواهب ورعايتها منذ الصغر يؤدي إلى ضعف قاعدة الرياضيين المتاحين للمنافسات الدولية.
3. عدم استقرار الحكومات والسياسات المتغيرة
تعاقب الحكومات وعدم الاستقرار السياسي في ليبيا أدى إلى تغييرات مستمرة في السياسات الرياضية. هذا الاضطراب يعوق أي محاولات لتطوير الرياضة البارالمبية، حيث تكون الأولويات الحكومية متقلبة ومتغيرة بشكل مستمر، مما يجعل من الصعب التركيز على دعم الرياضة وتطويرها على المدى الطويل.
4. سوء تخصيص الموارد والفساد الإداري
تخصيص الموارد المالية بشكل غير عادل يعد من العوامل الرئيسية التي تقف وراء ضعف أداء ليبيا في الألعاب البارالمبية. بينما تذهب أغلب الميزانيات إلى الرياضات الأكثر شعبية، يتم تجاهل الرياضة البارالمبية بشكل كبير. بالإضافة إلى ذلك، يؤدي الفساد وسوء الإدارة إلى هدر الموارد المخصصة، مما يزيد من التحديات التي تواجهها هذه الرياضة.
5. ضعف الوعي المجتمعي والسياسي
الرياضة البارالمبية لا تحظى بالاهتمام الكافي من المجتمع والحكومة في ليبيا. هناك قلة وعي بأهمية دعم الرياضيين من الأشخاص ذوي الإعاقة، ما يؤدي إلى تهميشهم وعدم إدراجهم في السياسات والخطط الرياضية الوطنية. هذا الضعف في الوعي يجعل من الصعب تحفيز التغيير وتقديم الدعم اللازم لهؤلاء الرياضيين لتحقيق النجاح.
المشاركة الحالية في الألعاب البارالمبية باريس 2024
في دورة باريس 2024، تشارك ليبيا بفريق مكون من رياضيين اثنين: البطلة غزالة العقوري في رياضة رفع الأثقال (رفعات القوة)، وأبرار البهلول في رياضة ألعاب القوى (رمي الجلة، تصنيف F42). يقود الفريق الفني المدرب عبد الرحيم الزوي في رفعات القوة، والمدرب عبد الرؤوف سعيد في ألعاب القوى. هذه المشاركة تجسد الجهود المستمرة للنهوض بالرياضة البارالمبية في ليبيا رغم التحديات، وتأمل البلاد في تحقيق نتائج مشرفة تعكس تطور مستوى الرياضيين الليبيين.
يعود ضعف أداء ليبيا في الألعاب البارالمبية إلى مزيج من العوامل المتشابكة التي تشمل نقص الدعم الحكومي، سوء التخطيط والإدارة، والتحديات الاجتماعية والسياسية. لتحقيق تحسن ملموس في الأداء المستقبلي، يجب على ليبيا تبني سياسات رياضية أكثر استقرارًا وشمولية، مع التركيز على تخصيص موارد عادلة، ودعم البنية التحتية، وتعزيز الوعي بأهمية الرياضة البارالمبية. ينبغي أن يتكامل هذا الدعم مع برامج طويلة الأمد تهدف إلى تطوير قدرات الرياضيين وتحقيق إنجازات تليق بليبيا على الساحة الدولية، مع الأمل أن تثمر المشاركة في باريس 2024 عن نتائج إيجابية تعكس هذا التطور