التمييز بين ذوي الإعاقة في قرارات الحكومة: ضرورة تحقيق العدالة للجميع

 

في خطوة هامة نحو تحسين ظروف العمل الاشخاص ذوي الاعاقة ، أصدرت حكومة الوحدة الوطنية القرار رقم (386) لسنة 2024، الذي يمنح الاشخاص ذوي الاعاقة أو من لديهم أفراد في الأسرة من  الاشخاص ذوي الاعاقة إجازة مدفوعة الأجر. ورغم أن هذا القرار يمثل خطوة إيجابية نحو دعم هذه الفئة، إلا أنه يثير تساؤلات حول مدى شموليته وإنصافه لجميع ذوي الإعاقة، بغض النظر عن أسباب إعاقتهم.

من الملاحظ أن القرار لم يحدد بشكل واضح ما إذا كان يشمل جميع ذوي الإعاقة، بغض النظر عن سبب إعاقتهم، أم أنه يركز فقط على فئة معينة مثل ضحايا الحروب والنزاعات. هذا الغموض يمكن أن يؤدي إلى تمييز غير مقصود ضد ذوي الإعاقة الذين لم يصابوا نتيجة للحروب، والذين يعانون من إعاقات ناتجة عن مشاكل صحية، وراثية، أو حوادث عرضية أخرى.

من المهم أن نتذكر أن ذوي الإعاقة يواجهون تحديات يومية قد تكون متشابهة أو حتى أكثر تعقيدًا، بغض النظر عن سبب إعاقتهم. قد تكون المعاناة والأعباء الجسدية والنفسية التي يتحملها شخص يعاني من إعاقة وراثية أو بسبب حادث غير حربي مشابهة تمامًا لتلك التي يتحملها ضحايا الحروب. لذلك، ينبغي أن تكون القرارات الحكومية عادلة ومنصفة لجميع ذوي الإعاقة دون استثناء أو تمييز.

التمييز بين ذوي الإعاقة بناءً على سبب الإعاقة قد يؤدي إلى تفاقم مشاعر الظلم والإقصاء لدى أولئك الذين يشعرون بأنهم غير مشمولين في الدعم الحكومي. وإذا كانت النية هي تحقيق العدالة الاجتماعية، فإن هذه العدالة لا تتحقق إلا عندما يكون الجميع متساوين في حقوقهم وواجباتهم، بغض النظر عن الظروف التي أدت إلى إعاقتهم.

لتجنب هذا النوع من التمييز، يجب على الحكومة تعديل نص القرار ليكون أكثر وضوحًا في شموليته لجميع ذوي الإعاقة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن تعزيز هذه الخطوة من خلال إشراك منظمات المجتمع المدني المختصة في حقوق ذوي الإعاقة في عملية صياغة وتنفيذ السياسات لضمان أن تكون هذه السياسات شاملة وعادلة.

في الختام، بينما يمثل القرار رقم (386) خطوة إيجابية نحو دعم ذوي الاحتياجات الخاصة، فإنه يجب أن يكون أكثر شمولية وعدالة. التمييز بين ذوي الإعاقة على أساس سبب إعاقتهم يتعارض مع مبادئ العدالة والمساواة، ويجب على الحكومة أن تسعى جاهدة لضمان حقوق جميع ذوي الإعاقة دون تمييز. تحقيق مجتمع عادل يتطلب أن يكون الجميع، بغض النظر عن ظروفهم، مشمولين في القرارات والسياسات الحكومية.


 أولاً: من المهم أن نؤكد أن الاتفاقيات الدولية، مثل اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة التي صادقت عليها ليبيا، تهدف إلى ضمان عدم التمييز وتكافؤ الفرص لجميع الأشخاص ذوي الإعاقة. هذه الاتفاقيات تسعى إلى تعزيز حقوقهم بغض النظر عن سبب إعاقتهم.

ثانيًا: صحيح أن ذوي الإعاقة الناتجة عن الحروب يستحقون تعويضًا خاصًا ورعاية مميزة، نظرًا لدورهم في الدفاع عن الوطن أو تعرضهم للإصابات جراء النزاعات. ومع ذلك، ينبغي أن يتم هذا التكريم دون أن يؤثر سلبًا على حقوق باقي الأشخاص ذوي الإعاقة، الذين قد يعانون من تهميش إضافي إذا شعروا بأن هناك تمييزًا في الرعاية والحقوق بينهم وبين ذوي الإعاقة من جراء الحروب.

ثالثًا: الحكومة مطالبة بتحقيق التوازن بين الاعتراف بتضحيات المحاربين وحماية حقوق جميع ذوي الإعاقة. يجب أن يكون هناك وضوح في السياسات والإجراءات التي تضمن عدم الإخلال بالمساواة والعدالة بين جميع فئات ذوي الإعاقة.

في النهاية، يمكن القول إن منح امتيازات إضافية لذوي الإعاقة الناتجة عن الحروب هو تقدير مستحق، لكن من الضروري التأكيد على أن هذا لا يجب أن يترجم إلى تمييز سلبي ضد الفئات الأخرى من ذوي الإعاقة. الحكومة مطالبة بتوفير رعاية متكاملة وعادلة للجميع، مع الحفاظ على حقوق كل الفئات بطريقة تضمن تكافؤ الفرص وعدم التمييز.



1 تعليقات

  1. التمييز في القرارات الحكومية غالبًا ما يُثار عندما يتم تخصيص مزايا أو حقوق لفئة معينة دون غيرها، لكن في حالة القرار رقم (386) لسنة 2024 الصادر عن حكومة الوحدة الوطنية، فإن الأمر يختلف تمامًا.

    **أولاً:** من الضروري توضيح أن ذوي الإعاقة الناتجة عن الحروب يمثلون فئة خاصة من المجتمع تعرضت لإصابات جراء دفاعهم عن الوطن أو نتيجة للحروب التي تسببت بها جهات معادية. ولهذا السبب، فإن القانون يعترف بحقوق إضافية لهؤلاء، مثل الحق في التعويض والرعاية الخاصة، وهذا ليس تمييزًا بل تقديرًا وتكريمًا لتضحياتهم.

    **ثانيًا:** المسؤولية القانونية للحكومة تقتضي تعويض المتضررين من الحروب لأنها الجهة المسؤولة عن حماية المواطنين في أوقات النزاع. وفي العديد من دول العالم، مثل الولايات المتحدة الأمريكية، يحصل المحاربون القدامى على امتيازات خاصة نتيجة تعرضهم للإصابة خلال أداء واجبهم الوطني.

    **ثالثًا:** الاعتراف بهذه الامتيازات لا يعني تجاهل بقية ذوي الإعاقة. جميع الأشخاص ذوي الإعاقة لهم حقوق في الرعاية والحماية من التمييز، ويجب على الحكومة توفير حياة كريمة لهم جميعًا. لكن، من المهم التفريق بين الحقوق الناشئة عن التزامات قانونية محددة، كالتي تتعلق بذوي الإعاقة من جراء الحروب، والحقوق العامة التي يجب أن يتمتع بها كل فرد من ذوي الإعاقة.

    **الخلاصة:** إن تمييز ذوي الإعاقة من جراء الحروب بامتيازات إضافية لا يعني تمييزًا ضد ذوي الإعاقة الآخرين. بل هو اعتراف بحقوق خاصة تنبع من مسؤوليات قانونية واجبة على الحكومة. وفي الوقت نفسه، يبقى واجب الحكومة توفير الحماية والرعاية لجميع ذوي الإعاقة دون استثناء.

    ردحذف
أحدث أقدم