التقت وزيرة الشؤون الاجتماعية الليبية، وفاء الكيلاني، بالسفير الإيطالي لدى ليبيا، جيانلوكا البريني، لمناقشة سبل دعم العلاقات الثنائية بين البلدين، خاصة في المجال الاجتماعي. تأتي هذه المباحثات في إطار الجهود المبذولة لتطوير الخدمات المقدمة للأشخاص ذوي الإعاقة في ليبيا، وتحقيق تعاون مثمر يستفيد منه كلا البلدين.
يعتبر التعاون الدولي في المجال الاجتماعي خطوة حيوية لتحقيق التنمية المستدامة وتحسين جودة الحياة للمواطنين، خاصة للأشخاص ذوي الإعاقة. يمكن لإيطاليا، من خلال خبراتها المتقدمة في هذا المجال، أن تقدم دعمًا كبيرًا لليبيا في تحسين الخدمات الاجتماعية وتطوير البرامج والسياسات المتعلقة بذوي الإعاقة. في إيطاليا، تعد حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ورعايتهم جزءًا من الالتزام الحكومي لتحقيق المساواة والاندماج الاجتماعي.
تعتبر إيطاليا من الدول المتقدمة في مجال رعاية الأشخاص ذوي الإعاقة، حيث تطبق قوانين صارمة لحماية حقوقهم وضمان اندماجهم في المجتمع. ومن أبرز التشريعات في هذا المجال، قانون رقم 104 الصادر في عام 1992، الذي يضمن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في مجالات التعليم، والعمل، والحصول على الرعاية الصحية والاجتماعية. كما ينص القانون على تقديم تسهيلات وإعفاءات خاصة للأشخاص ذوي الإعاقة وأسرهم لتخفيف الأعباء المالية والاجتماعية عنهم.
يمكن لليبيا أن تستفيد من هذه التجارب الإيطالية من خلال تبادل الخبرات والمعرفة، وتطبيق أفضل الممارسات العالمية في تحسين الخدمات المقدمة لذوي الإعاقة. يمكن تنظيم ورش عمل ودورات تدريبية للكوادر الليبية لتطوير مهاراتهم وقدراتهم. يمكن لإيطاليا أن تساهم في تحسين البنية التحتية الخاصة بذوي الإعاقة في ليبيا، من خلال بناء مراكز متخصصة وتجهيزها بأحدث المعدات والتقنيات. من الممكن أن توفر إيطاليا دعمًا ماليًا وفنيًا لتنفيذ مشاريع وبرامج تهدف إلى تحسين جودة الخدمات الاجتماعية في ليبيا. يمكن أن يشمل هذا الدعم تمويل بناء مراكز جديدة أو تحديث المراكز الحالية، بالإضافة إلى توفير الاستشارات الفنية.
تعتمد إيطاليا أيضًا على التعاون بين القطاعين العام والخاص لتعزيز رعاية الأشخاص ذوي الإعاقة. ومن خلال هذا التعاون، يمكن توفير فرص عمل ملائمة وتدريب مهني متقدم للأشخاص ذوي الإعاقة، مما يسهم في تحسين جودة حياتهم وتمكينهم اقتصاديًا. يمكن تعزيز التعاون بين المؤسسات الأكاديمية والبحثية في كلا البلدين لإجراء دراسات وأبحاث تهدف إلى تطوير السياسات والبرامج الاجتماعية. هذا التعاون يمكن أن يسهم في خلق حلول مبتكرة ومستدامة للتحديات التي تواجه الأشخاص ذوي الإعاقة في ليبيا.
بالرغم من الفرص الكبيرة التي يمكن أن يوفرها التعاون الليبي الإيطالي في المجال الاجتماعي، إلا أن هناك بعض التحديات التي قد تواجه هذا التعاون. قد يؤثر الوضع الأمني والسياسي غير المستقر في ليبيا على تنفيذ المشاريع والبرامج المشتركة، مما يتطلب وضع خطط احترازية لضمان استمرار التعاون. قد تعيق الإجراءات البيروقراطية والتعقيدات الإدارية تحقيق التعاون بشكل فعال، لذا يجب العمل على تبسيط هذه الإجراءات وتوفير بيئة مناسبة للتعاون. بالرغم من الدعم المحتمل، قد تواجه المشاريع المشتركة تحديات تمويلية، مما يستدعي البحث عن مصادر تمويل إضافية والتعاون مع منظمات دولية أخرى.
من الضروري أن تكون وزيرة الشؤون الاجتماعية، وفاء الكيلاني، ملمة بجميع تفاصيل التعاون المحتمل ومدركة لأهمية هذا الدور لتحقيق الفوائد المرجوة. إن جدية الوزيرة في التعامل مع هذه الفرصة واستعدادها للعمل العملي بعيدًا عن اللقاءات البروتوكولية فقط هو ما سيحدد نجاح هذه المبادرة. يجب على الوزيرة تقديم رؤية واضحة وأهداف محددة حول ما تريد تحقيقه من خلال هذا التعاون، مع وضع أهداف محددة وقابلة للقياس. يتطلب التعاون الناجح تواصلًا مستمرًا وفعالًا مع الجانب الإيطالي لضمان متابعة جميع الخطوات المتفق عليها وتنفيذها في الوقت المناسب. يجب على الوزيرة البحث عن جميع الفرص التمويلية الممكنة سواء من الجانب الإيطالي أو من منظمات دولية أخرى لضمان تنفيذ المشاريع بنجاح.
إن تعزيز العلاقات الثنائية بين ليبيا وإيطاليا في المجال الاجتماعي يمثل خطوة هامة نحو تحسين جودة الحياة للأشخاص ذوي الإعاقة في ليبيا. من خلال تبادل الخبرات والتعاون في تنفيذ المشاريع، يمكن تحقيق تقدم كبير في هذا المجال. ومع مواجهة التحديات المحتملة بروح التعاون والابتكار، يمكن تحقيق نتائج مستدامة تسهم في رفاهية المجتمع الليبي. ولكن لتحقيق هذه الفوائد، يتطلب الأمر جدية والتزامًا من وزيرة الشؤون الاجتماعية، وفاء الكيلاني، لتكون أكثر عملية وفعالية في تنفيذ هذه المبادرات.