منذ تأسيس اللجنة البارالمبية الليبية (المعروفة سابقاً بالاتحاد العام لرياضة الأشخاص ذوي الإعاقة) في عام 1981، لم تقم الحكومات المتعاقبة في ليبيا بإنشاء أي منشآت أو مراكز رياضية مخصصة للأشخاص ذوي الإعاقة. يعكس هذا الوضع تجاهلاً واضحاً لحقوق هذه الفئة في الوصول إلى المرافق الرياضية وممارسة الألعاب البارالمبية. رغم مرور أكثر من أربعة عقود على تأسيسها، لم تحقق اللجنة تأثيراً ملموساً على أرض الواقع، حيث لم يتم بناء أي مرافق رياضية مخصصة ولم تُنشأ برامج دعم فعّالة تضمن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في ممارسة الرياضة.
تعاني اللجنة من نقص في الدعم المالي المخصص لتنفيذ المشاريع الرياضية، مما يحد من قدرتها على توفير الخدمات الضرورية. كما لم تنجح في إقامة شراكات قوية مع القطاع الخاص أو المنظمات غير الحكومية التي يمكن أن توفر الدعم المالي والتقني. تواجه اللجنة صعوبات كبيرة نتيجة للبيروقراطية والتعقيدات الإدارية داخل المؤسسات الحكومية، مما يؤخر تنفيذ المشاريع ويعرقل ضعف التنسيق بين اللجنة والجهات الحكومية المختلفة الجهود الرامية لتحسين الوضع الرياضي للأشخاص ذوي الإعاقة.
هناك نقص في البرامج التدريبية لتأهيل الكوادر الإدارية والفنية داخل اللجنة، مما يؤثر سلباً على إدارة شؤون الرياضة بشكل احترافي وفعال. كما أن عدم وجود منشآت رياضية مخصصة للأشخاص ذوي الإعاقة يحد من إمكانية تنفيذ البرامج والأنشطة الرياضية. ولا تتوفر المعدات الرياضية اللازمة لممارسة الرياضات بشكل يتناسب مع احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة. ضعف الحملات التوعوية التي تهدف إلى زيادة الوعي بأهمية الرياضة للأشخاص ذوي الإعاقة والنظرة المجتمعية القاصرة تجاههم يؤثران سلباً على حقوقهم في ممارسة الرياضة. بالإضافة إلى ذلك، يعوق عدم الاستقرار السياسي في ليبيا قدرة اللجنة على تنفيذ خططها وبرامجها، ويعرقل غياب الاستراتيجية الطويلة الأمد وضع وتنفيذ استراتيجية فعالة.
في سياق آخر، كتبت سابقاً عن افتتاح ملعب طرابلس الدولي بعد خضوعه لأعمال صيانة استمرت قرابة 3 سنوات، استعداداً لاستضافة المباريات الدولية للمنتخب الوطني الليبي، بالإضافة إلى مباريات فريقي الاتحاد والأهلي طرابلس في بطولات الكاف. بينما تُعد هذه أخباراً مثيرة لعشاق كرة القدم الليبية، من المهم التأكيد على ضرورة ضمان إمكانية الوصول للملعب للأشخاص ذوي الإعاقة. وفقًا لاتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، التي صادقت عليها ليبيا عام 2018، يتمتع الأشخاص ذوو الإعاقة بحق المشاركة في الأحداث الرياضية على قدم المساواة مع الآخرين. هذا يعني أن الملاعب يجب أن تكون متاحة للأشخاص ذوي الإعاقة، بما في ذلك مستخدمي الكراسي المتحركة، وضعاف البصر، وضعاف السمع. هناك عدد من الطرق لجعل الملعب متاحًا للأشخاص ذوي الإعاقة، منها تركيب المنحدرات والمصاعد، توفير أماكن جلوس مناسبة، توفير دورات مياه مناسبة، توفير لافتات لمسية لضعاف البصر، وتوفير لافتات صوتية لضعاف السمع. من المهم ملاحظة أن جعل الملعب متاحًا للأشخاص ذوي الإعاقة ليس مجرد التزام قانوني، بل هو أيضًا واجب أخلاقي. من خلال توفير إتاحة الوصول للملاعب، يمكننا ضمان مشاركة الجميع في متعة الأحداث الرياضية، بغض النظر عن إعاقتهم. لا يزال من غير الواضح ما إذا كان ملعب طرابلس سيكون متاحًا بشكل كامل للأشخاص ذوي الإعاقة عند اكتمال أعمال الترميم. ومع ذلك، من المهم أن تضمن كل من الاتحاد الليبي لكرة القدم والحكومة الليبية أن الملعب متاح للجميع.
تُظهر مقارنة ليبيا مع دول مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا واليابان أن هناك فجوة كبيرة في توفير المرافق الرياضية والدعم للأشخاص ذوي الإعاقة. هذه الدول توفر منشآت رياضية مخصصة وبرامج تدريبية ودعماً مالياً وفنياً يضمن حقوق هذه الفئة ويعزز من مشاركتها الرياضية.
لتعزيز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في ليبيا، يجب اتخاذ خطوات جادة وفورية لمعالجة التحديات القائمة. يجب توفير ميزانية كافية للجنة البارالمبية الليبية وتطوير شراكات مع القطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية. يجب تحسين التنسيق بين اللجنة والجهات الحكومية لتسهيل تنفيذ المشاريع وتقليل البيروقراطية. ينبغي تنفيذ برامج تدريبية لتأهيل الكوادر الإدارية والفنية وتعزيز الاحترافية في إدارة الرياضة. يتعين بناء منشآت رياضية مخصصة وتوفير المعدات اللازمة. من الضروري إطلاق حملات توعوية لتعزيز الوعي بأهمية الرياضة للأشخاص ذوي الإعاقة. وأخيرًا، يجب تطوير استراتيجية شاملة ومستدامة لتطوير الرياضة للأشخاص ذوي الإعاقة، تتضمن أهدافاً واضحة وخطط تنفيذية.
في النهاية، لا بد من تفعيل نظام أساسي للجنة البارالمبية الليبية وإجراء انتخابات نزيهة وشفافة، مما سيساهم في تجديد الدماء وإضفاء الحيوية على عمل اللجنة، ويعزز من حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في ممارسة الرياضة وتحقيق مجتمع أكثر شمولية وعدالة في ليبيا.