في عالم يتطلب التواصل الحكومي الشفاف والصريح، يأتي المؤتمر الصحفي الذي أقامه مركز الاتصال الحكومي يوم الأربعاء ليحمل لنا نمطاً متكرراً من التصريحات المطولة والموجهة وكأنها تنطلق من جهاز آلي. الوزيرة وفاء الكيلاني، خلال حديثها عن إنجازات وزارة الشؤون الاجتماعية، بدت وكأنها تتحدث عن بلاد بعيدة عن واقع ليبيا. تصريحها باستخدام تجارب عربية كنماذج يُعتبر مُضللاً، نظراً لحقيقة أن معظم الدول العربية تعاني من فشل ذريع في مجال حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.
تكرار الإشارة إلى جامعة الدول العربية في هذا السياق أثار استغرابي؛ إذ أن هذه المنظمة لم تحقق تقدماً ملموساً في دعم حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في الدول الأعضاء. من المفترض أن يكون هذا المؤتمر مناسبة لمناقشة التحديات الحقيقية وتقديم حلول واقعية قابلة للتنفيذ على الأرض، وليس مجرد استعراض لإنجازات قد تكون مبالغ فيها.
إضافة إلى ذلك، كان من الضروري أن يكون هناك حضور للإعلام المستقل وأشخاص معنيين بالأمر، لضمان تحقيق الشفافية والمساءلة. تواجد مثل هذه الأطراف يمكن أن يسهم في طرح الأسئلة الصعبة ومساءلة المسؤولين عن الوعود التي يقدمونها.
في هذا المؤتمر، لم يكن هناك مجال كبير للتفاعل الحقيقي مع الصحفيين، وحتى الأسئلة المطروحة بدت وكأنها تمر عبر فلاتر حكومية تضمن ألا تُحرج الوزيرة أو تُظهر قصوراً في الأداء الحكومي. هذا النهج يفتقر إلى الشفافية ويعوق تحقيق التواصل الحقيقي بين الحكومة والمواطنين.
ينبغي على الحكومة إعادة النظر في كيفية تنظيم مثل هذه المؤتمرات الصحفية. يجب أن تكون هذه المناسبات منصات حقيقية للتواصل، حيث يتم طرح القضايا الحقيقية ومناقشتها بصدق وشفافية، بعيداً عن التصريحات الرنانة والوعود الغير واقعية. الشفافية والصدق هما الطريقان الوحيدان لاستعادة ثقة المواطنين في حكومتهم والعمل نحو مستقبل أفضل للجميع، وخاصة الأشخاص ذوي الإعاقة الذين يحتاجون إلى اهتمام ورعاية حقيقية.