وصفوه بأنه "تمييز خطير" ودعوا إلى وقفه وإعادة صياغته بمشاركة فاعلة
ليبيا - 10 مايو 2025
أعرب نشطاء ومعنيون بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في ليبيا عن قلقهم واستغرابهم الشديد إزاء القرار رقم (25) لسنة 2025م، الصادر بشأن تنظيم لائحة استحقاق المعاشات الأساسية ولائحة المزايا المقدمة لفئات الأشخاص ذوي الإعاقة. ووصفوا القرار بأنه يمثل تراجعًا خطيرًا عن المبادئ الحقوقية والإنسانية.
وذكر النشطاء في بيان لهم أن القرار، بحسب ما ورد فيه، يخالف المبادئ الدستورية والمعايير الدولية وحقوق الإنسان، ويتعارض مع مبدأ المساواة وعدم التمييز، ويفتقر إلى الحد الأدنى من الضمانات القانونية التي تكفل حقوق هذه الفئة الهامة من المجتمع. وأشاروا إلى أن صدور هذا القرار يأتي في وقت كان فيه الأمل معقودًا على تعزيز وحماية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في ليبيا، لا تقويضها.
وطالبوا بتجميد العمل باللائحة الصادرة بموجب القرار المذكور، إلى حين إعداد مشروع قانون شامل وعادل، يكفل الحماية القانونية الكاملة للأشخاص ذوي الإعاقة، ويضمن لهم الاستحقاقات والامتيازات دون انتقاص أو تمييز، ويقر عقوبات جنائية رادعة ضد كل من يحرمهم من حقوقهم أو يمارس الوصاية أو أي شكل من أشكال الإقصاء أو التهميش ضدهم. ودعوا إلى فتح حوار جاد وموسع يشارك فيه ممثلون عن الأشخاص ذوي الإعاقة ومنظمات المجتمع المدني والخبراء القانونيون والحقوقيون، لضمان صياغة قانون يعكس تطلعات هذه الفئة ويحترم كرامتهم الإنسانية.
وأوجز النشطاء أسباب اعتراضهم على القرار في عدة نقاط، حيث أكدوا على غياب الأساس القانوني السليم للقرار، وصدوره دون الرجوع إلى التشريعات المنظمة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، ودون إجراء دراسات وأبحاث مستفيضة تقيم الوضع القائم وتحدد الاحتياجات الحقيقية لهذه الفئة. كما انتقدوا التمييز غير المبرر بين فئات الأشخاص ذوي الإعاقة، واستبعاد فئات واسعة من الاستحقاقات التي كانت مشمولة بالقانون رقم (5) لسنة 1987م دون معايير علمية أو حقوقية واضحة.
وعبر النشطاء عن استيائهم من تجاهل المبادئ الواردة في الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، التي صادقت عليها الدولة الليبية، والتي تنص على ضرورة احترام حقوقهم وكرامتهم وحريتهم في تقرير خياراتهم، وعدم التمييز ضدهم على أساس الإعاقة. كما انتقدوا غياب أي ضمانات قانونية لحماية المستفيدين من التعسف في التطبيق أو الإلغاء واستبدال اللوائح بعيداً عن نصوص القوانين.
وأشاروا إلى أن عدم إشراك ممثلي الأشخاص ذوي الإعاقة في إعداد اللائحة يشكل مخالفة صريحة لمبدأ المشاركة الذي يعتبر أساسيًا في صياغة أي تشريع يتعلق بحقوقهم. كما انتقدوا إقرار اللائحة وإصدار قرار تعميمها دون علم شريحة الأشخاص ذوي الإعاقة بها، وعدم طرحها وتناولها مسبقاً بشكل إعلامي وتمهيدي لإبداء الرأي حولها، الأمر الذي ينم عن غياب الشفافية والمشاركة المجتمعية.
وفي ردها على الانتقادات، أوضحت الهيئة العامة لصندوق التضامن الاجتماعي في ليبيا أن القرار رقم (25) لسنة 2025م يهدف إلى خدمة مصالح الفئات المستحقة، وضمان استمرار صرف المعاشات في الوقت المحدد، ودراسة إمكانية زيادة قيمتها مستقبلاً. وأشارت الهيئة إلى أن الزيادة الكبيرة في عدد المستفيدين من المعاشات الأساسية أثر سلبًا على توقيت صرفها، وحرمت العديد من المستحقين من التمتع بهذه المنفعة والمنافع الأخرى.
وكشفت الهيئة عن تسجيل العديد من الخروقات في المستندات والتقارير الطبية، مؤكدة عزمها على إيقاف هذه الخروقات والحفاظ على الأمانة والثقة التي منحت لها. وأكدت الهيئة أنه لا نية لديها لإيقاف معاشات المستحقين، وأنها أشرفت على إعداد اللائحة الجديدة بالتعاون مع مجموعة من الاستشاريين الطبيين، مع مراعاة جميع الجوانب المهمة.
وأوضحت الهيئة أن اللائحة الجديدة قابلة لإضافة أي فئة غير قادرة على العمل أو تعاني من مرض مزمن غير قابل للشفاء، بعد إجازتها من قبل اللجان الطبية المختصة. كما أشارت إلى تسهيل الإجراءات على المواطنين من خلال توحيد لجان المعاش الأساسي، وتأكيد حق المواطنين في تقديم الشكاوى والتظلمات في حالة إيقاف أي معاش بغير حق.
وحذر النشطاء من تبعات هذا القرار على مبدأ العدالة الاجتماعية والاستقرار المجتمعي، وأكدوا على ضرورة وقف العمل به والشروع في حوار بناء لإعداد تصور شامل ينسجم مع المعايير الدولية ويكرس مبدأ الإنصاف والكرامة الإنسانية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، التي صادقت عليها الدولة الليبية. وشددوا على أن أي قانون أو لائحة تتعلق بحقوق هذه الفئة يجب أن تصاغ بمشاركتهم الفعالة وأن تعكس تطلعاتهم واحتياجاتهم، وأن تضمن لهم الحماية القانونية الكاملة من أي شكل من أشكال التمييز أو الإقصاء.