يشكل التمييز الرقمي والإقصاء التكنولوجي تحديًا جوهريًا للأشخاص ذوي الإعاقة، مما يعوق قدرتهم على الوصول إلى الإنترنت والخدمات الرقمية. هذا الواقع يؤدي إلى محدودية فرص التعليم والعمل والمشاركة الفعالة في المجتمع، مما يساهم في زيادة التهميش. وفقًا للدراسات، تشير التقديرات إلى أن تكاليف عدم دمج الأشخاص ذوي الإعاقة في الاقتصاد الرقمي قد تتجاوز 7% من الناتج المحلي الإجمالي في بعض الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط. تتضاعف هذه المشكلة مع الأعباء غير المدفوعة التي يتحملها أفراد أسرهم، وخاصة النساء والفتيات اللاتي يقدمن الرعاية والدعم.
الفجوة الرقمية
يعاني الأشخاص ذوو الإعاقة من تفاوت كبير في الوصول إلى الإنترنت مقارنة بالأشخاص غير ذوي الإعاقة. ففي بعض الدول المتقدمة، تصل نسبة الأسر التي تضم أفرادًا ذوي إعاقة التي تتمتع بتغطية الإنترنت إلى 54% فقط، بينما تبلغ النسبة في الأسر التي لا تضم أشخاصًا ذوي إعاقة 81%. هذا التفاوت يعزز من الفجوات الرقمية ويزيد من التحديات أمام الأشخاص ذوي الإعاقة في مجالات التعليم عن بُعد والعمل الرقمي.
قصور التصميم الرقمي
العديد من المنصات الإلكترونية والمواقع الإلكترونية لا تلتزم بإرشادات إمكانية الوصول العالمية (WCAG)، مما يعوق استفادة الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية أو الحركية من الأدوات المساعدة مثل برامج قراءة الشاشة أو التحكم الصوتي. هذا القصور في التوافق يدفع الأشخاص ذوي الإعاقة إلى الاعتماد على أجهزة وبرمجيات متخصصة بتكلفة إضافية، ما يزيد العبء المالي عليهم ويحد من مشاركتهم الرقمية الكاملة
تكلفة التكنولوجيا المساعدة
على الرغم من تقدم التكنولوجيا المساعدة، تظل أسعار الأجهزة والبرمجيات المتخصصة مثل اللوحات البديلة ولوحات المفاتيح الخاصة مرتفعة بشكل نسبي. هذه التكاليف تمثل عائقًا كبيرًا للكثير من الأشخاص ذوي الإعاقة وعائلاتهم ذات الدخل المحدود، مما يدفعهم في بعض الحالات إلى التخلي عن استخدام هذه الأدوات أو الاعتماد على حلول غير فعالة، مما يقيد مشاركتهم في الحياة الرقمية بشكل عام.
التحيز الخوارزمي والخصوصية
تواجه الخوارزميات الذكية تحديات في التعامل مع الأشخاص ذوي الإعاقة بشكل عادل. قد تكون هناك تحيزات في تمييز الصور أو توصيف المحتوى تجاه الأشخاص ذوي الإعاقة، وهو ما يؤدي إلى انتهاك حقوقهم. كما تثير البيانات البيومترية المستخدمة مخاوف بشأن تسريب المعلومات الصحية والشخصية، ما يجعل من الضروري تطوير أطر تنظيمية تضمن الشفافية وحماية الخصوصية.
نقص المهارات الرقمية
يواجه العديد من الأشخاص ذوي الإعاقة نقصًا في التدريب المخصص لتعليم استخدام التكنولوجيا المساعدة، مثل برمجيات قراءة الشاشة والتحكم الصوتي. بالإضافة إلى ذلك، يعاني الكثير منهم من نقص في المهارات الأساسية لاستخدام الإنترنت بشكل آمن وفعال، مما يحد من قدرتهم على الوصول إلى الخدمات الرقمية الحيوية مثل الخدمات البنكية والطبية والاجتماعية.
التوصيات والحلول
التصميم المشترك: ضرورة إشراك الأشخاص ذوي الإعاقة في جميع مراحل تطوير المنتجات الرقمية لضمان تلبية احتياجاتهم الخاصة.
تفعيل معايير WCAG: إلزام الجهات الحكومية والقطاع الخاص بتطبيق معايير إمكانية الوصول العالمية (WCAG) في تصميم وتطوير المواقع الإلكترونية والبرمجيات، مع مراجعة دورية للالتزام بها.
خفض تكاليف التكنولوجيا المساعدة: تقديم منح مالية وإعفاءات ضريبية لتخفيض تكاليف الأجهزة والبرمجيات المساعدة، مما يسهم في تسهيل الوصول إليها.
تدريب وبناء القدرات الرقمية: إنشاء شراكات مع مؤسسات المجتمع المدني والأكاديميات لتقديم برامج تدريبية مخصصة للأشخاص ذوي الإعاقة على استخدام التكنولوجيا المساعدة واكتساب المهارات الرقمية.
حوكمة بيانات عادلة: تطوير أطر قانونية لضبط الخوارزميات المستخدمة في المنتجات الرقمية لضمان عدم التحيز، بالإضافة إلى حماية خصوصية البيانات الشخصية والصحية للأشخاص ذوي الإعاقة.
مكافحة الجرائم الإلكترونية: تعزيز التشريعات وآليات الإبلاغ عن الاعتداءات الرقمية ضد الأشخاص ذوي الإعاقة، بما يضمن حماية حقوقهم الرقمية من الاستغلال أو التمييز.
التقرير العالمي حول الإعاقة والشمول: تسريع شمول الأشخاص ذوي الإعاقة في عالم متغير ومتعدد
تم إطلاق "التقرير العالمي حول الإعاقة والشمول: تسريع شمول الأشخاص ذوي الإعاقة في عالم متغير ومتعدد" في قمة الإعاقة العالمية (#GDS2025). يقدم التقرير لمحة عن كيفية تأثير التغيرات العميقة التي تشكل عالمنا على تنوع الأشخاص ذوي الإعاقة وسبل معالجة هذه التغيرات.
على الرغم من وجود زيادات صغيرة في معدلات التوظيف للأشخاص ذوي الإعاقة في بعض الدول، فإن الفجوات في التوظيف بين الأشخاص ذوي الإعاقة والأشخاص غير ذوي الإعاقة قد ظلت إلى حد كبير دون تغيير على مدار العشر سنوات الماضية. عبر 90 دولة، كان الأشخاص ذوو الإعاقة أقل عرضة للعمل بنصف ما هو عليه الأشخاص غير ذوي الإعاقة (نسبة التوظيف إلى السكان: 27% مقابل 56%).
التوصيات الرئيسية لأرباب العمل ومقدمي السلع والخدمات تشمل:
تحديد ومعالجة الحواجز التي تمنع الوصول العادل للأشخاص ذوي الإعاقة (مثل إنشاء منتجات وبنية تحتية وخدمات وأماكن عمل ميسرة؛ إزالة الحواجز المادية والمعلوماتية؛ تقديم التسهيلات المعقولة).
تطوير حلول مبتكرة يمكن أن تعزز من الوصول والشمول للأشخاص ذوي الإعاقة.
تحميل التقرير الكامل بعدة لغات من هنا
من خلال تطبيق هذه التوصيات، يمكن أن نحقق تقدمًا ملموسًا نحو تحقيق شمول رقمي واقتصادي أكبر للأشخاص ذوي الإعاقة، مما يسهم في تعزيز مشاركتهم الفعالة في المجتمع وتطوير حياتهم الاقتصادية والاجتماعية.