بين الوعود والطموحات.. هل تتحول الكلمات إلى أفعال؟

 

اليوم، وأنا أتابع فعاليات افتتاح مؤتمر "تكافؤ الفرص والإدماج للأشخاص ذوي الإعاقة في بيئة عمل داعمة"، شعرت بمزيج من الأمل والحذر. كمواطن ليبي لديه إعاقة حركية بسبب شلل الأطفال، هذه القضايا تمسني بشكل مباشر. كان من المفرح أن أرى حضور وزراء وشخصيات دبلوماسية وممثلين عن منظمات محلية ودولية يتحدثون عن إدماجنا، توظيفنا، وضمان حقوقنا الاجتماعية. ولكن، هل يكفي الحديث فقط؟

الوزير علي العابد، وزير العمل والتأهيل، كان له اعتراف واضح بتقصير الدولة والمجتمع في توفير حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وتنفيذ القوانين المتعلقة بهم. في كلمته خلال المؤتمر، أقرّ بأن هذه الفئة لم تحظَ بالاهتمام الذي تستحقه، وأن هناك فجوة بين التشريعات التي وُضعت لضمان حقوقهم والتطبيق العملي على أرض الواقع. ورغم حديثه عن خطوات قامت بها الوزارة لضمان تطبيق قانون تشغيل الأشخاص ذوي الإعاقة بنسبة 5%، لا يمكن تجاهل أن هذا القانون، الذي صدر منذ أكثر من ثلاثة عقود، ظل حبرًا على ورق في أغلب الأحيان. كم من المؤسسات تُطبّقه فعليًا؟ وكم منّا يجد عملًا يليق بقدراته ويحترم إنسانيته؟

أما وزير التربية والتعليم، موسى المقريف، فقد شدد على أهمية تيسير سبل التعليم لنا واستثمار طاقاتنا. لكننا نعلم جميعًا أن البيئة التعليمية ما زالت تواجه تحديات كبيرة في توفير أبسط الحقوق مثل المناهج المكيّفة، والمرافق المجهزة، والتدريب الكافي للمعلمين للتعامل مع احتياجاتنا.

ما يقلقني هو أن هذه المؤتمرات غالبًا ما تُبهرنا بالشعارات الجميلة والخطابات الحماسية، لكنها تنتهي دون أن نلمس تغييرًا حقيقيًا. ما نحتاجه ليس فقط الحديث عن "الإدماج" بل العمل على تحقيقه فعليًا. أين هي آليات التنفيذ؟ وأين التقارير التي توضح مدى تطبيق القوانين؟ والأهم، أين صوتنا نحن، الأشخاص ذوي الإعاقة، في صياغة هذه السياسات ومتابعة تنفيذها؟

وياريت مثل هذه المؤتمرات تُرفق بأوراق عمل ودراسات تُنشر علنًا لتوضيح الخطوات الملموسة التي يجب اتخاذها، والأهم أن تكون هذه الأوراق قابلة للتنفيذ وليست مجرد وعود نظرية. نريد أن نرى خططًا واضحة، جداول زمنية محددة، وآليات مراقبة تُشركنا نحن أصحاب القضية في التقييم والمتابعة.

أحلم بيوم لا تكون فيه مؤتمرات مثل هذه مجرد مناسبة لإلقاء الكلمات، بل محطة لانطلاقة حقيقية نحو واقع أفضل. نريد أن نشهد تطبيق القوانين على أرض الواقع، أن نرى تدريبًا حقيقيًا يوفر لنا فرص العمل، أن نجد بيئة عمل تُحترم فيها كفاءاتنا، لا تُعاملنا بشفقة.

حتى ذلك الحين، سأبقى أحلم وأطالب، ولن أتوقف عن الإيمان بأن التغيير ممكن، لكنه يحتاج إلى أكثر من كلمات.



أحدث أقدم

 

نموذج الاتصال