رغم أن ليبيا صادقت على الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في عام 2018 بموجب القانون رقم (2) لسنة 2013 من المؤتمر الوطني، إلا أن الواقع يشير إلى وجود انتهاكات صريحة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في البلاد. البيئة المحيطة غير مهيأة بشكل كامل لدعم اندماجهم في الحياة اليومية، مما يقف عائقاً أمام طموحاتهم في المشاركة الفعالة في المجتمع.
العقبات والتحديات:
1. بيئة غير ملائمة: البنية التحتية في ليبيا لا تتناسب مع احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة، مما يجعل التنقل والتفاعل مع الأماكن العامة والمؤسسات أمراً صعباً، ويحد من اندماجهم في المجتمع.
2. تمييز في القوانين: من الأمثلة البارزة على التمييز القانوني قانون رقم (59) لسنة 2012 بشأن نظام الإدارة المحلية، الذي ينظم انتخابات المجالس البلدية. المادة 26 من القانون تنص على وجود عضو واحد على الأقل من ذوي الإعاقة في المجلس البلدي، لكن يشترط أن يكون هذا العضو من الثوار الذين أصيبوا بإعاقات خلال حرب التحرير، مما يستثني الأشخاص ذوي الإعاقة من غير الثوار ويمنعهم من الترشح بشكل متساوٍ.
القوانين والتشريعات الداعمة:
1. المصادقة على الاتفاقية الدولية: ليبيا صادقت على الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة بتاريخ 13 فبراير 2018، بعد إصدار قانون رقم 2 لسنة 2013 من المؤتمر الوطني. المصادقة جاءت نتيجة جهود دامت خمس سنوات من منظمات المجتمع المدني المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.
2. قرار مجلس المفوضية رقم (49) لسنة 2017: إنشاء وحدة لدعم الأشخاص ذوي الإعاقة، لكنها لم تُفعّل بالشكل الكافي حتى الآن.
3. قرارات عام 2023: التي تتعلق باللوائح التنفيذية لانتخابات المجالس البلدية، ولكنها لم تتضمن تحسينات تُذكر فيما يتعلق بدعم حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.
الانتهاكات الواضحة:
رغم هذه التشريعات، ما زالت التحديات الميدانية تعيق مشاركة الأشخاص ذوي الإعاقة في العملية الانتخابية وفي الحياة العامة. أبرز الانتهاكات تشمل:
1. إقصاء فئات واسعة: الأشخاص ذوي الإعاقة يُقصون من العملية الانتخابية بسبب البيئة غير المهيأة وعدم التخطيط الجيد لضمان مشاركتهم.
2. ضعف في توفير المواد الخاصة: مثل بطاقات الاقتراع بلغة برايل وعدم توفير مترجمي لغة الإشارة في المراكز الانتخابية المخصصة.
3. تفعيل وحدات الدعم: عدم تفعيل وحدات دعم الأشخاص ذوي الإعاقة بشكل فعّال في جميع المناطق.
4. إثبات الإعاقة: لا يتم اعتماد "بطاقة إثبات الإعاقة" الصادرة من الهيئة العامة لصندوق التضامن الاجتماعي، ويُطلب تقرير طبي حديث لإثبات الإعاقة.
5. غياب خطة للتيسير: لا توجد خطة واضحة لتسهيل وصول الأشخاص ذوي الإعاقة إلى مراكز الانتخابات، ولا يتم توجيههم لمراكز مهيأة حسب نوع الإعاقة عبر نظام تسجيل خاص.
6. التوظيف غير العادل: المفوضية الوطنية لا توظف نسبة كافية من الأشخاص ذوي الإعاقة ضمن كوادرها الوظيفية.
7. تجاهل التوصيات: التوصيات الفنية والحقوقية الصادرة عن الملتقيات وورش العمل الخاصة بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة لم تُؤخذ بعين الاعتبار.
8. الآراء غير المدروسة: المفوضية تتشبث بآراء من أشخاص ليس لديهم دراية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، مما يعزز التهميش والإقصاء.
رغم دعمنا للعملية الانتخابية والتداول السلمي للسلطة، لا يمكن أن يكون ذلك على حساب حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة. يجب على المفوضية الوطنية العليا للانتخابات الالتزام بتطبيق القوانين المحلية والاتفاقيات الدولية لضمان تكافؤ الفرص والمساواة. من الضروري العمل على دمج الأشخاص ذوي الإعاقة بشكل كامل في المجتمع، وتعديل القوانين وتحسين البنية التحتية بما يتناسب مع التزامات ليبيا الدولية، لضمان حقوقهم في المشاركة دون أي تمييز أو تهميش.